الفصل الثالث
في معرفة حكم الاختلاف
وهو النظر في الاختلاف ، وفي هذا الباب أيضا مسائل :
فمنها : أنهم اختلفوا إذا : فقال اختلف الصانع ، ورب المصنوع في صفة الصنعة أبو حنيفة : القول قول رب المصنوع ، وقال مالك ، : القول قول الصانع . وابن أبي ليلى
وسبب الخلاف من المدعي منهما على صاحبه ، ومن المدعى عليه ؟
ومنها : إذا : فالقول عند ادعى الصناع رد ما استصنعوا فيه ، وأنكر ذلك الدافع مالك قول الدافع ، وعلى الصناع البينة; لأنهم كانوا ضامنين لما في أيديهم . وقال : القول قول الصناع إن كان ما دفع إليهم دفع بغير بينة ، وإن كان دفع إليهم ببينة فلا يبرءون إلا ببينة . ابن الماجشون
وإذا ، فالمشهور في المذهب أن القول قول الصانع مع يمينه إن قام بحدثان ذلك ، وإن تطاول فالقول قول رب المصنوع ، وكذلك إذا اختلف المكري والمكتري ، وقيل : بل القول قول الصانع ، وقول المكري ، وإن طال ، وهو الأصل . اختلف الصانع ، ورب المتاع في دفع الأجرة
وإذا إذا اتفقا على أن المنفعة لم تستوف في جميع الزمان المضروب في ذلك ، فالمشهور في المذهب أن القول قول المكتري والمستأجر; لأنه الغارم ، والأصول على أن القول قول الغارم . وقال اختلف المكري ، والمكتري ، أو الأجير ، والمستأجر في مدة الزمان الذي وقع فيه استيفاء المنفعة : القول [ ص: 586 ] قول المكتري له والمستأجر إذا كانت العين المستوفاة منها المنافع في قبضهما ، مثل الدار وما أشبه ذلك . وأما ما لم يكن في قبضه مثل الأجير فالقول قول الأجير . ابن الماجشون
ومن مسائل المذهب المشهورة في هذا الباب : ، وذلك أن اختلافهما لا يخلو أن يكون في قدر المسافة ، أو نوعها ، أو قدر الكراء أو نوعه : اختلاف المتكاريين في الدواب وفي الرواحل
فإن كان ، أو في نوع الكراء : فالتحالف والتفاسخ كاختلاف المتبايعين في نوع الثمن ، قال اختلافهما في نوع المسافة ابن القاسم : انعقد أو لم ينعقد ، وقال غيره : القول قول رب الدابة إذا انعقد ، وكان يشبه ما قال .
وإن كان اختلافهما في قدر المسافة : فإن كان قبل الركوب ، أو بعد ركوب يسير ، فالتحالف والتفاسخ ، وإن كان بعد ركوب كثير ، أو بلوغ المسافة التي يدعيها رب الدابة فالقول قول رب الدابة في المسافة إن انتقد ، وكان يشبه ما قال ، وإن لم ينتقد وأشبه قوله تحالفا ، ويفسخ الكراء على أعظم المسافتين ، فما جعل منه للمسافة التي ادعاها رب الدابة أعطيه ، وكذلك إن انتقد ولم يشبه قوله .
وإن : فالقول قول المكتري نقد أو لم ينقد; لأنه مدعى عليه . اختلفا في الثمن واتفقا على المسافة
وإن اختلفا في الأمرين جميعا - في المسافة ، والثمن - مثل أن يقول رب الدابة بقرطبة : اكتريت منك إلى قرمونة بدينارين ، ويقول المكتري : بل بدينار إلى إشبيلية ، فإن كان أيضا قبل الركوب أو بعد ركوب لا ضرر عليهما في الرجوع تحالفا ، وتفاسخا ، وإن كان بعد سير كثير أو بلوغ المسافة التي يدعيها رب الدابة :
فإن كان لم ينقد المكتري شيئا كان القول قول رب الدابة في المسافة ، والقول قول المكتري في الثمن ، ويغرم من الثمن ما يجب له من قرطبة إلى قرمونة ، على أنه لو كان الكراء به إلى إشبيلية ، وذلك أنه أشبه قول المكتري ، وإن لم يشبه ما قال وأشبه رب الدابة غرم دينارين .
وإن كان المكتري نقد الثمن الذي يدعي أنه للمسافة الكبرى ، وأشبه قول رب الدابة كان القول قول رب الدابة في المسافة ، ويبقى له ذلك الثمن الذي قبضه لا يرجع عليه بشيء منه; إذ هو مدعى عليه في بعضه ، وهو يقول : بل هو لي وزيادة ، فيقبل قوله فيه; لأنه قبضه ، ولا يقبل قوله في الزيادة ، ويسقط عنه ما لم يقرب به من المسافة أشبه ما قال ، أو لم يشبه ، إلا أنه إذا لم يشبه قسم الكراء الذي أقر به المكتري على المسافة كلها ، فيأخذ رب الدابة من ذلك ما ناب المسافة التي ادعاها ، وهذا القدر كاف في هذا الباب .