ميراث الصلب
وأجمع المسلمون على أن ميراث الولد من والدهم ووالدتهم إن كانوا ذكورا وإناثا معا هو أن للذكر منهم مثل حظ الأنثيين ، وأن الابن الواحد إذا انفرد فله جميع المال ، وأن البنات إذا انفردن فكانت واحدة أن لها النصف ، وإن كن ثلاثا فما فوق ذلك فلهن الثلثان . واختلفوا في الاثنتين فذهب الجمهور إلى أن لهما الثلثين ، وروي عن أنه قال : للبنتين النصف . ابن عباس
والسبب في اختلافهم تردد المفهوم في قوله تعالى : ( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ) والأظهر من باب دليل الخطاب أنهما لاحقان بحكم الواحدة ، وقد قيل إن المشهور عن هل حكم الاثنتين المسكوت عنه يلحق بحكم الثلاثة أو بحكم الواحدة ؟ مثل قول الجمهور وقد روي عن ابن عباس ابن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حاتم بن عبد الله وعن جابر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى البنتين الثلثين " . قال فيما أحسب ، أبو عمر بن عبد البر وعبد الله بن عقيل : قد قبل جماعة من أهل العلم حديثه وخالفهم آخرون .
وسبب الاتفاق في هذه الجملة قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) إلى قوله ( وإن كانت واحدة فلها النصف ) .
وأجمعوا من هذا الباب على أن بني البنين يقومون مقام البنين عند فقد البنين يرثون كما يرثون ويحجبون كما يحجبون ، إلا شيء روي عن مجاهد أنه قال : ولد الابن لا يحجبون الزوج من النصف إلى الربع ، كما يحجب الولد نفسه ولا الزوجة من الربع إلى الثمن ، ولا الأم من الثلث إلى السدس .
وأجمعوا على أنه ليس لبنات الابن ميراث مع بنات الصلب إذا استكمل بنات المتوفى الثلثين . واختلفوا إذا كان مع بنات الابن ذكر ابن ابن في مرتبتهن أو أبعد منهن ، فقال جمهور فقهاء الأمصار : إنه يعصب بنات الابن فيما فضل عن بنات الصلب فيقسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين ، وبه قال علي - رضي الله عنه - من الصحابة . وذهب وزيد بن ثابت أبو ثور وداود أنه إذا استكمل البنات الثلثين أن الباقي لابن الابن دون بنات الابن كن في مرتبة واحدة مع الذكر أو فوقه أو دونه . وكان يقول في هذه ( ابن مسعود للذكر مثل حظ الأنثيين ) إلا أن يكون الحاصل للنساء أكثر من السدس فلا تعطى إلا السدس .
وعمدة الجمهور عموم قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وأن ولد [ ص: 673 ] الولد ولد من طريق المعنى ، وأيضا لما كان ابن الابن يعصب من في درجته في جملة المال فواجب أن يعصب في الفاضل من المال .
وعمدة داود حديث وأبي ثور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ابن عباس " ، ومن طريق المعنى أيضا أن بنت الابن لما لم ترث مفردة من الفاضل عن الثلثين كان أحرى أن لا ترث مع غيرها . اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله عز وجل ، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر
وسبب اختلافهم تعارض القياس والنظر في الترجيح . وأما قول فمبني على أصله في أن بنات الابن لما كن لا يرثن مع عدم الابن أكثر من السدس لم يجب لهن مع الغير أكثر مما وجب لهن مع الانفراد ، وهي حجة قريبة من حجة داود ، والجمهور على أن ذكر ولد الابن يعصبهن كان في درجتهن أو أطرف منهن . وشذ بعض المتأخرين فقال : لا يعصبهن إلا إذا كان في مرتبتهن . ابن مسعود
وجمهور العلماء على أنه إذا ترك المتوفى بنتا لصلب وبنت ابن أو بنات ابن ليس معهن ذكر أن لبنات الابن السدس تكملة الثلثين ، وخالفت الشيعة في ذلك فقالت : لا ترث بنت الابن مع البنت شيئا كالحال في ابن الابن مع الابن ، فالاختلاف في بنات الابن في موضعين : مع بني الابن ، ومع البنات فيما دون الثلثين وفوق النصف . فالمتحصل فيهن إذا كن مع بني الابن أنه قيل : يرثن ، وقيل : لا يرثن ، وإذا قيل يرثن فقيل يرثن تعصيبا مطلقا ، وقيل يرثن تعصيبا إلا أن يكون أكثر من السدس . وإذا قيل يرثن فقيل أيضا إذا كان ابن الابن في درجتهن وقيل كيفما كان ، والمتحصل في وراثتهن مع عدم ابن الابن فيما فضل عن النصف إلى تكملة الثلثين قيل : يرثن ، وقيل : لا يرثن .