وأما الجنس الثاني
[ ماذا يبقى في المدبر من أحكام الرق ؟ ]
فأشهر مسألة فيه هي : أم لا ؟ فقال هل للمدبر أن يبيع المدبر مالك ، وأبو حنيفة ، وجماعة من أهل الكوفة : ليس للسيد أن يبيع مدبره ، وقال الشافعي وأحمد ، وأهل الظاهر ، : له أن يرجع فيبيع مدبره ، وقال وأبو ثور : لا يباع إلا من رجل يريد عتقه . الأوزاعي
واختلف أبو حنيفة ، ومالك من هذه المسألة في فروع وهو إذا بيع فأعتقه المشتري ، فقال مالك : ينفذ العتق ، وقال أبو حنيفة والكوفيون : البيع مفسوخ سواء أعتقه المشتري أو لم يعتقه وهو أقيس من جهة أنه ممنوع عبادة .
فعمدة من أجاز بيعه ما ثبت من حديث جابر " " وربما شبهوه بالوصية . وأما عمدة المالكية فعموم قوله تعالى : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع مدبرا ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) لأنه عتق إلى أجل فأشبه أم الولد أو أشبه العتق المطلق .
[ ص: 713 ] فكان سبب الاختلاف هاهنا معارضة القياس للنص ، أو العموم للخصوص .
ولا خلاف بينهم أن المدبر أحكامه في حدوده وطلاقه وشهادته وسائر أحكامه أحكام العبيد .
واختلفوا من هذا الباب في جواز ، فجمهور العلماء على جواز وطئها ، وروي عن وطء المدبرة منع ذلك ، وعن ابن شهاب كراهية ذلك إذا لم يكن وطئها قبل التدبير . الأوزاعي
وعمدة الجمهور تشبيهها بأم الولد ، ومن لم يجز ذلك شبهها بالمعتقة إلى أجل ، ومن منع وطء المعتقة إلى أجل شبهها بالمنكوحة إلى أجل ، وهي المتعة .
واتفقوا على أن للسيد في المدبر الخدمة ، ولسيده أن ينتزع ماله منه متى شاء كالحال في العبد ، قال مالك : إلا أن يمرض مرضا مخوفا فيكره له ذلك .