المسألة الثالثة
[ ؟ ] من يبدأ بالأيمان وكم عددهم
واختلف القائلون بالقسامة ( أعني : الذين قالوا إنها يستوجب بها مال أو دم فيمن يبدأ بالأيمان الخمسين على ما ورد في الآثار ) ، فقال الشافعي وأحمد ، وداود بن علي وغيرهم : يبدأ المدعون ، وقال : فقهاء الكوفة والبصرة وكثير من أهل المدينة : بل يبدأ المدعى عليهم بالأيمان .
وعمدة من بدأ بالمدعين حديث مالك ، عن عن ابن أبي ليلى سهل بن أبي حثمة ، ومرسله عن . وعمدة من رأى التبدئة بالمدعى عليهم ما خرجه بشير بن يسار عن البخاري سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن [ ص: 744 ] يسار أن رجلا من الأنصار يقال له سهل بن حثمة وفيه : " . قال القاضي : وهذا نص في أنه لا يستوجب بالأيمان الخمسين إلا دفع الدعوى فقط . " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تأتون بالبينة على من قتله " قالوا : ما لنا بينة ، قال : فيحلفون لكم ، قالوا : ما نرضى بأيمان يهود ، وكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطل دمه ، فواداه بمائة بعير من إبل الصدقة
واحتجوا أيضا بما خرجه أبو داود أيضا عن أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن ، عن رجال من كبراء الأنصار " وسليمان بن يسار " ، وبهذا تمسك من جعل اليمين في حق المدعى عليه وألزمهم الغرم مع ذلك ، وهو حديث صحيح الإسناد ; لأنه رواه الثقات عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود وبدأ بهم : أيحلف منكم خمسون رجلا خمسين يمينا ؟ فأبوا ، فقال للأنصار : احلفوا ، فقالوا : أنحلف على الغيب يا رسول الله ؟ فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية على يهود ; لأنه وجد بين أظهرهم عن الزهري أبي سلمة ، وروى الكوفيون ذلك عن عمر ( أعني : أنه قضى على المدعى عليهم باليمين والدية ) .
وخرج مثله أيضا من تبدئة اليهود بالأيمان عن ، واحتج هؤلاء القوم على رافع بن خديج مالك بما روي عن عن ابن شهاب الزهري سليمان بن يسار : " أن وعراك بن مالك قال للجهني الذي ادعى دم وليه على رجل من عمر بن الخطاب بني سعد وكان أجرى فرسه فوطئ على أصبع الجهني فنزي منها فمات ، فقال : عمر للذي ادعى عليهم : أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها ؟ فأبوا أن يحلفوا وتحرجوا ، فقال للمدعين : احلفوا ، فأبوا فقضى عليهم بشطر الدية " . قالوا : وأحاديثنا هذه أولى من التي روي فيها تبدئة المدعين بالأيمان ; لأن الأصل شاهد لأحاديثنا من أن اليمين على المدعى عليه . قال أبو عمر : والأحاديث المتعارضة في ذلك مشهورة .