الجملة الثانية في الشروط
[ شروط الصلاة ]
وهذه الجملة فيها ثمانية أبواب : الباب الأول : في معرفة الأوقات . الثاني : في معرفة الأذان والإقامة . [ ص: 80 ] الثالث : في معرفة القبلة . الرابع : في ستر العورة واللباس في الصلاة . الخامس : في اشتراط الطهارة من النجس في الصلاة . السادس : في تعيين المواضع التي يصلى فيها من المواضع التي لا يصلى فيها . السابع : في معرفة الشروط التي هي شروط في صحة الصلاة . الثامن : في معرفة النية ، وكيفية اشتراطها في الصلاة . الباب الأول
في معرفة الأوقات .
وهذا الباب ينقسم أولا إلى فصلين : الأول : في . الثاني : في معرفة الأوقات المأمور بها . الفصل الأول معرفة الأوقات المنهي عنها
في معرفة الأوقات المأمور بها .
وهذا الفصل ينقسم إلى قسمين أيضا : القسم الأول : في الأوقات الموسعة والمختارة . والثاني : في أوقات أهل الضرورة .
القسم الأول من الفصل الأول من الباب الأول من الجملة الثانية .
[ الأوقات الموسعة والمختارة ]
والأصل في هذا الباب قوله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) اتفق المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا خمسا هي شرط في صحة الصلاة ، وأن منها أوقات فضيلة وأوقات توسعة ، واختلفوا في حدود أوقات التوسعة والفضيلة ، وفيه خمس مسائل :
المسألة الأولى
[ ] وقت الظهر
اتفقوا على أن الذي لا تجوز قبله هو الزوال ، إلا خلافا شاذا روي عن أول وقت الظهر ، وإلا ما روي من الخلاف في صلاة الجمعة على ما سيأتي ، واختلفوا منها في موضعين في آخر وقتها الموسع وفي وقتها المرغب فيه . ابن عباس
فأما آخر وقتها الموسع ، فقال مالك والشافعي وأبو ثور وداود هو أن يكون ظل كل شيء مثله ، وقال أبو حنيفة : آخر الوقت أن يكون ظل كل شيء مثليه في إحدى الروايتين عنه ، وهو عنده أول وقت العصر .
[ ص: 81 ] وقد روي عنه أن آخر وقت الظهر هو المثل ، وأول وقت العصر المثلان ، وأن ما بين المثل والمثلين ليس يصلح لصلاة الظهر ، وبه قال صاحباه أبو يوسف ومحمد .
وسبب الخلاف في ذلك اختلاف الأحاديث ، وذلك أنه ورد في إمامة جبريل " وروي عنه قال - صلى الله عليه وسلم - : " أنه صلى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس ، وفي اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله ، ثم قال : " الوقت ما بين هذين إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى انتصف النهار ، ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ، ثم عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين ، فقال أهل الكتاب أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا ، ونحن كنا أكثر عملا ؟ قال الله تعالى : هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا ، قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء "
فذهب مالك إلى حديث إمامة والشافعي جبريل ، وذهب أبو حنيفة إلى مفهوم ظاهر هذا ، وهو أنه إذا كان من العصر إلى الغروب أقصر من أول الظهر إلى العصر على مفهوم هذا الحديث ، فواجب أن يكون العصر أكثر من قامة ، وأن يكون هذا هو آخر وقت الظهر .
وقال : وليس كما ظنوا وقد امتحنت الأمر فوجدت القامة تنتهي من النهار إلى تسع ساعات وكسر . أبو محمد بن حزم
قال القاضي : أنا الشاك في الكسر ، وأظنه قال : وثلث . حجة من قال باتصال الوقتين ، ( أعني اتصالا - لا بفصل - غير منقسم ) قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت أخرى " ، وهو حديث ثابت .
وأما وقتها المرغب فيه والمختار ، فذهب مالك إلى أنه للمنفرد أول الوقت ويستحب تأخيرها عن أول الوقت قليلا في مساجد الجماعات .
وقال : أول الوقت أفضل إلا في شدة الحر . الشافعي
وروي مثل ذلك عن مالك ، وقالت طائفة : أول الوقت أفضل بإطلاق للمنفرد والجماعة وفي الحر والبرد ، وإنما اختلفوا في ذلك لاختلاف الأحاديث ، وذلك أن في ذلك حديثين ثابتين : أحدهما : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ، فإن شدة الحر من فيح جهنم إذا اشتد الحر ، فأبردوا عن الصلاة " والثاني : " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان يصلي الظهر بالهاجرة " وفي حديث خباب " أنهم شكوا إليه حر الرمضاء ، فلم يشكهم " خرجه مسلم .
قال زهير راوي الحديث : قلت لأبي إسحاق شيخه أفي الظهر ؟ قال : نعم ، قلت : أفي تعجيلها ؟ قال : نعم ، فرجح قوم حديث الإبراد إذ هو نص ، وتأولوا هذه الأحاديث إذ ليست بنص .
وقوم رجحوا هذه الأحاديث لعموم ما روي من قوله - عليه الصلاة والسلام - " " ، والحديث متفق عليه ، وهذه الزيادة فيه ، ( أعني : " وقد سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة لأول ميقاتها لأول ميقاتها " ) مختلف فيها .