" فصل في " معرفة العموم والخصوص
(أنا) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، قال : قال الربيع - رحمه الله - : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( الشافعي خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ) .
وقال تعالى : ( خلق السماوات والأرض ) . وقال تعالى : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) . فهذا عام لا خاص فيه ، فكل شيء : من سماء ، وأرض ، وذي روح ، وشجر ، وغير ذلك - فالله خالقه . وكل دابة فعلى الله رزقها ، ويعلم مستقرها ، ومستودعها ، وقال - عز وجل - : ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله ) [ ص: 24 ] ( أتقاكم ) . وقال تعالى : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ) ... ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) الآية . وقال تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) الآية " .
قال : " فبين في كتاب الله أن في هاتين الآيتين العموم ، والخصوص . فأما العموم منها ففي قوله - عز وجل - : ( الشافعي إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) . فكل نفس خوطبت بهذا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبله وبعده - مخلوقة من ذكر ، وأنثى ، وكلها شعوب وقبائل " .
" والخاص منها في قوله - عز وجل - : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) . لأن : - من البالغين من بني آدم - دون المخلوقين من الدواب سواهم ، ودون المغلوب على عقولهم منهم ، والأطفال الذين لم يبلغوا عقل التقوى منهم . فلا يجوز أن يوصف بالتقوى وخلافها إلا من عقلها وكان من أهلها ، أو خالفها فكان من غير أهلها . [ ص: 25 ] وفي السنة دلالة عليه ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : التقوى إنما تكون على من عقلها وكان من أهلها : النائم حتى يستيقظ ، والصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق " . رفع القلم عن ثلاثة "
قال - رحمه الله - : " وهكذا التنزيل في الصوم ، والصلاة على البالغين العاقلين دون من لم يبلغ ممن غلب على عقله ، ودون الحيض في أيام حيضهن " . الشافعي