الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في بيان التوحيد والتشبيه  

التوحيد على وزن التفعيل، وهو مصدر وحدته توحيدا، كما تقول: كلمته تكليما، وهذا النوع من الفعل يأتي متعديا إلا أحرفا جاءت لازمة وهي قولهم: روض الروض إذا تم حسنه ونضارته، ودوم الطائر إذا حلق في الهواء، وصرح الحق أي: ظهر وانكشف، وبين الشيء بمعنى تبين، وصوح النبت إذا هاج ويبس، وغلس فلان إذا جاء بغلس، ولهذا الفعل معنيان:

أحدهما: تكثير الفعل وتكريره والمبالغة فيه كقولهم: كسرت الإناء، وغلقت الأبواب وفتحتها، والوجه الثاني: وقوعه مرة واحدة كقولهم: غديت فلانا وعشيته، وكلمته .

ومعنى وحدته: جعلته منفردا عما يشاركه أو يشبهه في ذاته وصفاته، والتشديد فيه للمبالغة أي: بالغت في وصفه بذلك. وقيل: الواو فيه مبدلة من الهمزة، والعرب تبدل الهمزة من الواو، وتبدل الواو من الهمزة كقولهم وشاح وأشاح، وتقول العرب: أحدهن لي وآحدهن لي أي: اجعلهن لي أحد عشر. ويقال: جاؤوا أحاد أحاد أي: واحدا واحدا، فعلى هذا: الواو في التوحيد أصلها الهمزة، قال الهذلي:


ليث الصريمة أحدان الرجال له صيد ومجتزئ بالليل هجاس

[ ص: 306 ] وتقول العرب: واحد وأحد ووحد ووحيد أي: منفرد، فالله -تعالى- واحد، أي: منفرد عن الأنداد والأشكال في جميع الأحوال.

فقولهم: وحدت الله: من باب عظمت الله، وكبرته، أي: علمته عظيما وكبيرا، فكذلك وحدته: أي: علمته واحدا، منزها عن المثل في الذات والصفات.

قال بعض العلماء: التوحيد: نفي التشبيه عن الله الواحد، وقيل: التوحيد نفي التشبيه عن ذات الموحد وصفاته،  وقيل: التوحيد العلم بالموحد واحدا لا نظير له: فإذا ثبت هذا فكل من لم يعرف الله هكذا فإنه غير موحد له.

وأما التشبيه: فهو مصدر شبه يشبه تشبيها، يقال: شبهت الشيء بالشيء أي: مثلته به، وقسته عليه، إما بذاته أو بصفاته، أو بأفعاله،  قال أهل اللغة: أشبه الشيء بالشيء وشابهه أي: صار مثله. وهذا الشيء شبه هذا وشبيهه ومشبهه ومشابهه.

التالي السابق


الخدمات العلمية