الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

آخر في ذم الأئمة لعلم الكلام  

أخبرنا طلحة بن الحسين الصالحاني ، أنا جدي أبو ذر الصالحاني ، نا أبو الشيخ ، نا أبو محمد بن أبي حاتم ، نا يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول: " لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك بالله خير له من النظر في الكلام؛ فإني قد اطلعت من أهل الكلام على أشياء ما ظننته قط   ".

[ ص: 208 ] قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا عبد الرحمن بن داود ، عن حرملة عن الشافعي قال: " فر من الكلام كما تفر من الأسد   ". وقال: " العلم بالكلام جهل به" وقال: " ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: قال أحمد بن حنبل فيما كتب إلى المتوكل: " لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان في كتاب الله، أو حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه، أو عن التابعين، فأما غير ذلك فالكلام فيه غير محمود ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: حكى أبو زرعة قال: " كان الشافعي يكره الكلام كله، ولم يضع كتاب الكلام "، وقال: " آخر صاحب الكلام إلى الزندقة ".

قال أبو الشيخ : وحكى المزني عن الشافعي قال: " عليك بالفقه، وإياك والكلام، فلأن يقال لك: أخطأت خير من أن يقال لك: كفرت   ".

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: قال زكريا الساجي : حدثني محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا ثور ، وحسنا يقولان: سمعنا الشافعي -رحمه الله- يقول: " حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام.

قال: وحدثنا أبو الشيخ قال: وحكى أبو بكر بن أبي داود قال: سمعت أحمد بن سنان الواسطي يقول: كان الوليد الكرابيسي خالي، وكان من أعلم [ ص: 209 ] الناس بالكلام، ويقال: إن حسينا الكرابيسي تعلم منه، فلما حضرته الوفاة، قال له بنوه: أوصنا، قال: أوصيكم بواحدة، إن لزمتموها كنتم بخير، هل تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا، قال: فعليكم بما عليه أصحاب الحديث؛ فإني رأيت الحق يدور معهم، لست أعنيكم أصحاب القلانس، ولكن هؤلاء الممزقين، ألم تروا إلى الواحد منهم يجيء إلى الرجل الجليل فيبدعه، ويمزق في وجهه .

[ ص: 210 ] [ ص: 211 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية