الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في قصة الدجال

453 - أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن شاذان ، أخبرنا أبو بكر القباب ، حدثنا ابن أبي عاصم ، حدثنا أبو عمير ، حدثنا ضمرة عن الشيباني عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فكان آخر خطبته ما يحدثنا عن الدجال ، ويحذرنا، فكان قوله: "يا أيها الناس إنه لم تكن فتنة في الأرض أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا قط إلا حذر أمته، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيج كل مسلم، وإن خرج بعدي فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا، وشمالا، فيا عباد الله اثبتوا فإنه يبدأ فيقول: أنا نبي، ولا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولن تروا ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن، [ ص: 434 ] فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة، وجنته نارا فمن ابتلي بناره فليقرأ خواتيم سورة الكهف، وليستعذ بالله يكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم، وإن من فتنته أن معه شياطين يتمثل على صورة الناس فيأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك، أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شياطينه على صورة أبيه وأمه فيقولان له: يا بني اتبعه فإنه ربك. وإن من فتنته أن يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها ولن يقدر لها بعد ذلك، ولا يصنع ذلك بنفس غيرها. فيقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن، فيزعم أن له ربا غيري فيبعثه، فيقول: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وأنت الدجال عدو الله.

وإن من فتنته: أن يقول للأعرابي: أرأيتك إن بعثت لك أباك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شياطينه على صورة أبيه.

وإن من فتنته: أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، فيمر بالحي من العرب فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت ويمر من العرب فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت فتروح إليهم مواشيهم من يومهم أعظم ما كانت أسمنه وأمده خواصر وأدره ضروعا، وإن [ ص: 435 ] أيامه أربعون يوما، يوما كالسنة، ويوما دون ذلك، ويوما كالشهر ويوما دون ذلك، ويوما كالجمعة ويوما دون ذلك، ويوما كالأيام، وسائر أيامه كالشررة في الجريدة".
 


قال الشيخ: قوله: "فأنا حجيج كل مسلم"  أي محجج أحتج لكل مسلم. وقوله: "من خله":  يعني من خربه، والجريدة، جريدة النخل يعني الغصن اليابس، والورق اليابس، وقوله: ولن يقدر لها بعد ذلك يسلطه الله في الابتداء على قلته وإحيائه، ويمنعه من ذلك في الثانية، وقوله: "فيأمر السماء أن تمطر" قيل: يقدره الله على ذلك للعباد كما أقدر إبليس على الجري في عروق بني آدم.

التالي السابق


الخدمات العلمية