الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال البخاري: باب كلام الرب مع الأنبياء وغيرهم يوم القيامة.  

[ ص: 205 ] 168 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم ، نا أبو عبد الله بن سفيان بن محمد بن الحسن الثوري ، نا الحسين بن محمد الحافظ ، نا يحيى بن محمد بن صاعد ، نا محمد بن عثمان بن كرامة ، نا عبيد الله بن موسى ، نا إسرائيل عن منصور.

قال سليمان: وحدثنا محمد بن علي بن عبد الملك الفقيه ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا الحسن بن سفيان ، نا إسحاق بن إبراهيم. نا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة السلماني ، عن عبد الله - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني لأعلم آخر أهل النار خروجا من النار، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة، رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله تعالى له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى. فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي أو تضحك بي، وأنت الملك قال: فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك حتى بدت نواجذه ". قال إبراهيم: فكان يقول: ذلك أدنى أهل الجنة منزلا.  رواه البخاري في كتابه.

169 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم ، نا أحمد بن موسى الحافظ إملاء، نا عبد الله بن جعفر ، نا أحمد بن يونس ، نا محاضر ، عن الأعمش ، عن خيثمة بن عبد الرحمن ، عن عدي بن حاتم الطائي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله عز وجل ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن [ ص: 206 ] شماله فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فيرى النار، فمن استطاع أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة يعني فليفعل ".  

وفي رواية الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن خيثمة ، ولو بكلمة طيبة .

170 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم ، نا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران ، نا دعلج بن أحمد ، نا الحسن بن علي المتوكل ، نا حدثنا سليمان بن حرب.

قال سليمان: وحدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الفقيه ، نا عبد الله بن جعفر ، نا أحمد بن يونس الضبي ، نا سليمان بن حرب ، نا حماد بن زيد ، نا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمع رهط من أهل البصرة، وأنا فيهم فخرجنا إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه - فاستشفعنا بثابت البناني ، فأتيناه وهو يصلي الضحى فأجلس ثابتا معه على السرير، فقلت لأصحابي: لا تسألوه عن شيء إلا الحديث الذي جئنا فيه، فقال له ثابت: يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة فقال أنس: حدثنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيؤتى آدم - عليه السلام - فيقال: اشفع لذريتك فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم - عليه السلام - فإنه خليل الله، فيؤتى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيؤتى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى - عليه السلام - فإنه روح الله [ ص: 207 ] وكلمته. فيؤتى عيسى فيقول لست لها، ولكن عليكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأوتى فأقول: أنا لها،، فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه، فأقوم بين يديه مقاما، ويلهمني الله محامد لا أقدر عليها الآن، فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع، وسل تعطه. فأقول: رب أمتي. فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأخرجه منها، قال: فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، وأخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع، فأقول: أي رب أمتي أمتي فيقال: انطلق، فمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجه من النار فأذهب فأفعل. ثم أعود فأحمده بتلك المحامد. ثم أخر له ساجدا فيقال: ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق فيمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردلة من إيمان فأخرجه منها. قال: " فأفعل ". قال: فلما رجعنا من عند أنس فقلت لأصحابي: هل لكم في الحسن وهو مختف في عبد القيس في منزل أبي خليفة، فدخلنا فقلنا يا أبا سعيد: جئنا من عند أخيك أبي حمزة فحدثنا فلم نسمع مثل ما حدثناه في الشفاعة. قال كيف حدثكم؟ فحدثناه بالحديث حتى إذا بلغنا آخره قال: [ ص: 208 ] هيه، قلنا: لم يزدنا على هذا فقال: لقد حدثني هذا الحديث منذ عشرين سنة، ولقد ترك منه شيئا لا أدري أنسيه الشيخ أم تركه عمدا.

حدثني كما حدثكم، ثم قال في الرابعة: " فأعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع واشفع تشفع، وسل تعطه، فأقول: يا رب أخرج منها من قال: لا إله إلا الله صادقا بها، فيقال: ليس ذلك لك وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله ".
 
فأشهد على الحسن لحدثنا بهذا الحديث يوم حدثنا أنس.

رواه البخاري في كتابه عن سليمان بن حرب ، وفيه فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا.

171 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم ، نا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، حدثني إسحاق بن الحسن ، نا حسين بن محمد ، نا شيبان ، عن قتادة قال: حدث صفوان بن محرز المازني قال: بينما أنا أطوف بالبيت مع ابن عمر - رضي الله عنه - فعارضه رجل فقال: كيف سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر في النجوى؟ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يدنو المؤمن من الله عز وجل يوم القيامة ويضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه، قال: يقول: هل تعرف؟ قال: [ ص: 209 ] يقول رب أعرف. قال: هل تعرف؟ قال: يقول رب أعرف، قال: فبلغ ذلك ما شاء الله. قال: فيقول: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ويعطى صحيفة حسناته. قال: وأما الكفار، والمنافقون فيناديهم على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين ".  

رواه البخاري في كتابه، وفي رواية أبي عوانة ، عن قتادة: " فيقول نعم، أي رب مرتين أو ثلاثا ".

وفي رواية: " فينادي بهم على رؤوس الأشهاد.  وفي رواية: يدني العبد من ربه ".

قال البخاري في كتابه: باب كلام الرب عز وجل جبريل - عليه السلام - ونداء الله الملائكة

172 - أخبرنا والدي ، أنا سعيد بن أحمد ، نا محمد بن عمر ، نا محمد بن يوسف ، نا البخاري ، حدثني إسحاق ، نا عبد الصمد ، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إن الله عز وجل أحب فلانا، فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض ".  

173 - قال: وحدثنا البخاري ، نا قتيبة ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [ ص: 210 ] " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر، وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم. كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ".  

174 - قال: وحدثنا البخاري: ، نا الحميدي ، نا سفيان ، نا الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قال الله تعالى يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ".  

التالي السابق


الخدمات العلمية