فإن قال قائل: إن فيجب طرحها، والإعراض عنها على ما زعمتم . الخوض في مسائل القدر والصفات، وشرط الإيمان يورث التقاطع والتدابر والاختلاف،
الجواب: إنما قلنا هذا في المسائل المحدثة، وأما القول في هذه المسائل من شرط أصل الدين، ولا بد من قبوله على نحو ما ثبت فيه النقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولا يجوز لنا الإعراض عن نقلها وروايتها وبيانها، لتفرق الناس في ذلك، كما في أصل الإسلام، والدعاء إلى التوحيد، وإظهار الشهادتين.
وقد ظهر بما قدمنا، وذكرنا بحمد الله ومنه أن الطريق المستقيم مع أهل الحديث، وأن الحق ما نقلوه ورووه، ومن تدبر ما كتبناه، [ ص: 230 ] وأعطى من قبله النصفة، وأعرض عن هواه، واستمع وأصغى بقلب حاضر، وكان مسترشدا مهتديا، ولم يكن متعنتا، وأمده الله بنور اليقين عرف صحة جميع ما قلناه، ولم يخف عليه شيء من ذلك، والله الموفق، من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم .
وقد أجاب بعض أهل السنة عن قولهم: إن الخبر الواحد لا يوجب العلم، بجواب آخر سوى ما قلناه قد بيناه في كتاب القدر. وإن كان الجواب الصحيح ما ذكرناه .
فإن قال قائل: إنكم سميتم أنفسكم أهل السنة، وما نراكم في ذلك إلا مدعين، لأنا وجدنا كل فرقة من الفرق تنتحل اتباع السنة، وتنسب من خالفها إلى الهوى، وليس على أصحابكم منها سمة وعلامة أنهم أهلها دون من يخالفها من سائر الفرق، فكلها في انتحال هذا القلب شركاء متكافئون، ولستم أولى بهذا اللقب إلا أن تأتوا بدلالة ظاهرة من الكتاب والسنة أو من إجماع أو معقول.
الجواب: قولكم إنه لا يجوز لأحد دعوى إلا ببينة عادلة أو دلالة ظاهرة من الكتاب والسنة، هما لنا قائمتان بحمد الله ومنه.
قال الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ ص: 231 ] فأمرنا باتباعه وطاعته؛ فيما سن وأمر، ونهى، وحكم وعلم.
206 - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " عليكم بسنتي، ومن رغب عن سنتي فليس مني ".