الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال الله تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون

قال بعض العلماء: فسمى الله عز وجل الفلاسفة والمتكلمين في هذه الآية بخمسة أسماء  سماهم: أعداء النبوات، وسماهم شياطين الإنس.

وقال: وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم أي إن شياطين الجن يوحون إلى أوليائهم من شياطين الإنس ليجادلوكم.

وسمى قولهم زخرفا وهو الذي يزوق ظاهره، وليس تحته معنى يتحصل، وسماه غرورا وهو كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. وسماه افتراء لأنه قال: فذرهم وما يفترون أي يكذبون.

ثم قال: ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ومعنى [ ص: 308 ] تصغى : تميل أي يميل إلى زخارفهم من لا يؤمن بالله واليوم الآخر .

ثم قال: وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون . هذه اللام تسمى لام التهديد، كما يقول الرجل لصاحبه: ليفعل ما شاء فإنني من وراء مجازاته.

ثم قال: أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا أي مبينا بما إليه الحاجة: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين . أي من الشاكين في كونه منزلا من عند الله.

ثم قال: وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم فما شهد الله له بالتمام والصدق والعدل، أي حاجة به إلى تأويل المتأولين وتحريف الغالين.

وقال: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله دل بذلك على أن الكثرة في أهل الباطل، والحق عند اقتراب الساعة إلى ضعف   [ ص: 309 ] ودروس .

التالي السابق


الخدمات العلمية