الباب الثالث
في الأكفان
والأصل في هذا الباب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " . وخرج كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة أبو داود ليلى بنت قائف الثقفية قالت : " كنت فيمن غسل - ، فكان أول ما أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحقو ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر ، قالت : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس عند الباب معه أكفانها يناولناها ثوبا ثوبا أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم " . عن
فمن العلماء من أخذ بظاهر هذين الأثرين فقال : يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة في خمسة أثواب ، وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة .
وقال أبو حنيفة : أقل ثلاثة أثواب ، والسنة خمسة أثواب ، وأقل ما تكفن فيه المرأة ثوبان ، والسنة فيه ثلاثة أثواب . ما يكفن فيه الرجل
ورأى مالك أنه لا حد في ذلك ، وأنه يجزئ ثوب واحد فيهما إلا أنه يستحب الوتر .
وسبب اختلافهم في التوقيت : اختلافهم في مفهوم هذين الأثرين ، فمن فهم منهما الإباحة لم يقل بالتوقيت إلا أنه استحب الوتر لاتفاقهما في الوتر ، ولم يفرق في ذلك بين المرأة والرجل ، وكأنه فهم منهما الإباحة إلا في التوقيت ، فإنه فهم منه شرعا لمناسبته للشرع ، ومن فهم من العدد أنه شرع الإباحة قال بالتوقيت ، إما على جهة الوجوب ، وإما على جهة الاستحباب ، وكله واسع - إن شاء الله - ، وليس فيه شرع محدود ، ولعله تكلف شرع فيما ليس فيه شرع ، وقد يوم أحد بنمرة، فكانوا إذا غطوا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطوا بها رجليه خرج رأسه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر مصعب بن عمير " . كفن
واتفقوا على أن إلا المحرم إذا مات في إحرامه فإنهم اختلفوا فيه : فقال الميت يغطى رأسه ويطيب مالك وأبو حنيفة : المحرم بمنزلة غير المحرم . وقال : لا يغطى الشافعي ولا يمس طيبا . رأس المحرم إذا مات
وسبب اختلافهم : معارضة العموم للخصوص :
[ ص: 195 ] فأما الخصوص : فهو حديث قال : " ابن عباس " . أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل وقصته راحلته فمات وهو محرم فقال : كفنوه في ثوبين ، واغسلوه بماء وسدر ، ولا تخمروا رأسه ، ولا تقربوه طيبا ، فإنه يبعث يوم القيامة يلبي
وأما العموم : فهو ما ورد من الأمر بالغسل مطلقا ، فمن خص من الأموات المحرم بهذا الحديث كتخصيص الشهداء بقتلى أحد جعل الحكم منه - عليه الصلاة والسلام - على الواحد حكما على الجميع . وقال : لا يغطى رأس المحرم ولا يمس طيبا . ومن ذهب مذهب الجمع لا مذهب الاستثناء والتخصيص قال : حديث الأعرابي خاص به لا يعدى إلى غيره .