الفصل الثاني
في
وأجمع المسلمون على أن في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرين ، فإذا كانت خمسا وعشرين [ ص: 217 ] ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا كانت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا كانت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين ، فإذا كانت واحدا وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا كانت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين ، فإذا كانت واحدا وتسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة ، لثبوت هذا كله في كتاب الصدقة الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل به بعده نصاب الإبل والواجب فيه أبو بكر وعمر .
واختلفوا منها في مواضع :
منها : فيما زاد على العشرين والمائة .
ومنها : إذا عدم السن الواجبة عليه ، وعنده السن الذي فوقه أو الذي تحته ما حكمه ؟ .
ومنها : هل تجب الزكاة في صغار الإبل وإن وجبت فما الواجب ؟ .
[ المسألة الأولى ]
[ فيما زاد على العشرين والمائة ]
فأما المسألة الأولى - وهي اختلافهم - : فإن فيما زاد على المائة وعشرين مالكا قال : إذا زادت على عشرين ومائة واحدة ، فالمصدق بالخيار إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون ، وإن شاء أخذ حقتين إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة فيكون فيها حقة وابنتا لبون .
وقال ابن القاسم من أصحابه : بل يأخذ ثلاث بنات لبون من غير خيار إلى أن تبلغ ثمانين ومائة فتكون فيها حقة وابنتا لبون ، وبهذا القول قال . قال الشافعي من أصحاب عبد الملك بن الماجشون مالك : بل يأخذ الساعي حقتين فقط من غير خيار إلى أن تبلغ مائة وثلاثين .
وقال الكوفيون : - أبو حنيفة وأصحابه - : إذا زادت على عشرين ومائة عادت الفريضة على أولها - ومعنى عودتها : أن يكون عندهم في كل خمس ذود شاة - ، فإذا كانت الإبل مائة وخمسة وعشرين كان فيها حقتان وشاة - الحقتان : للمائة والعشرين ، والشاة : للخمس - ، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها حقتان وشاتان ، فإذا كانت خمسا وثلاثين ففيها حقتان وثلاث شياه إلى أربعين ومائة ، ففيها حقتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فإذا بلغتها ففيها حقتان وابنة مخاض - الحقتان : للمائة والعشرين ، وابنة المخاض : للخمس وعشرين - كما كانت في الفرض الأول إلى خمسين ومائة ، فإذا بلغتها ففيها ثلاث حقاق ، فإذا زادت على الخمسين ومائة استقبل بها الفريضة الأولى إلى أن تبلغ مائتين ، فيكون فيها أربع حقاق ، ثم يستقبل بها الفريضة . والثوري
وأما ما عدا الكوفيين من الفقهاء : فإنهم اتفقوا على أن ما زاد على المائة والثلاثين ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة .
وسبب اختلافهم في عودة الفرض أو لا عودته : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وذلك أنه ثبت في كتاب الصدقة أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " " . فما زاد على العشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة
[ ص: 218 ] وروي من طريق عن أبيه عن جده عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه كتب كتاب الصدقة وفيه : " أبي بكر بن عمرو بن حزم إذا زادت الإبل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة " .
فذهب الجمهور إلى ترجيح الحديث الأول إذ هو أثبت ، وذهب الكوفيون إلى ترجيح حديث عمرو بن حزم لأنه ثبت عندهم هذا من قول علي ، قالوا : ولا يصح أن يكون مثل هذا إلا توقيفا إذ كان مثل هذا لا يقال بالقياس . وابن مسعود
وأما سبب اختلاف مالك وأصحابه فيما زاد على المائة وعشرين إلى الثلاثين ; فلأنه لم يستقم لهم حساب الأربعينيات ولا الخمسينيات ، فمن رأى أن ما بين المائة وعشرين إلى أن يستقيم الحساب وقص قال : ليس فيما زاد على ظاهر الحديث الثابت شيء ظاهر حتى يبلغ مائة وثلاثين وهو ظاهر الحديث . والشافعي
وأما الشافعي وابن القاسم : فإنما ذهبا إلى أن فيها ثلاث بنات لبون ، لأنه قد روي عن في كتاب الصدقة : " ابن شهاب " . أنها إذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون ، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة
فسبب اختلاف ابن الماجشون وابن القاسم ; هو معارضة ظاهر الأثر الثابت للتفسير الذي في هذا الحديث ، فإن رجح ظاهر الأثر للاتفاق على ثبوته ، ابن الماجشون وابن القاسم حملا المجمل على المفصل المفسر . وأما تخيير والشافعي مالك الساعي ، فكأنه جمع بين الأثرين - والله أعلم .