القول في التروك
وهو ما يمنع الإحرام من الأمور المباحة للحلال .
والأصل من هذا الباب ما ثبت من حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : " " . فاتفق العلماء على بعض الأحكام الواردة في هذا الحديث ، واختلفوا في بعضها أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تلبسوا القمص ، ولا العمائم ، ولا السراويلات ، ولا البرانس ، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
[ 1 - لبس المخيط ]
فمما اتفقوا عليه أنه ، ولا شيئا مما ذكر في هذا الحديث ، ولا ما كان في معناه من مخيط الثياب ، وأن هذا مخصوص بالرجال - أعني : تحريم لبس المخيط - ، وأنه لا بأس للمرأة بلبس [ ص: 272 ] القميص والدرع والسراويل والخفاف والخمر . لا يلبس المحرم قميصا
واختلفوا فيمن لم يجد غير السراويل هل له لباسها ؟ فقال مالك وأبو حنيفة : لا يجوز له لباس السراويل وإن لبسها افتدى . وقال الشافعي والثوري وأحمد وأبو ثور وداود : لا شيء عليه إذا لم يجد إزارا .
وعمدة مذهب مالك : ظاهر حديث المتقدم ، قال : ولو كان في ذلك رخصة لاستثناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استثنى في لبس الخفين . ابن عمر
وعمدة الطائفة الثانية : حديث عمرو بن دينار عن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " وابن عباس " . السراويل لمن لم يجد الإزار ، والخف لمن لم يجد النعلين
وجمهور العلماء على إجازة . وقال لباس الخفين مقطوعين لمن لم يجد النعلين أحمد : جائز لمن لم يجد النعلين أن يلبس الخفين غير مقطوعين أخذا بمطلق حديث . وقال عطاء : في قطعهما فساد والله لا يحب الفساد . ابن عباس
واختلفوا فيمن لبسهما مقطوعين مع وجود النعلين ، فقال مالك : عليه الفدية ، وبه قال . وقال أبو ثور أبو حنيفة : لا فدية عليه ، والقولان عن ، وسنذكر هذا في الأحكام . الشافعي
وأجمع العلماء على أن ; لقوله - عليه الصلاة والسلام - في حديث المحرم لا يلبس الثوب المصبوغ بالورس والزعفران : " ابن عمر " . لا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
واختلفوا في المعصفر ، فقال مالك : ليس به بأس فإنه ليس بطيب . وقال أبو حنيفة : هو طيب وفيه الفدية ، وحجة والثوري أبي حنيفة ما خرجه مالك عن علي : " " . أن النبي - عليه الصلاة والسلام - نهى عن لبس القسي وعن لبس المعصفر
وأجمعوا على أن ، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها ، وأن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها ، كنحو ما روي عن إحرام المرأة في وجهها عائشة أنها قالت : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن محرمون فإذا مر بنا ركب سدلنا على وجوهنا الثوب من قبل رءوسنا ، وإذا جاوز الركب رفعناه " . ولم يأت تغطية وجوههن إلا ما رواه مالك عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق " .
واختلفوا في بعد إجماعهم على أنه لا يخمر رأسه ، فروى تخمير المحرم وجهه مالك عن : " أن ما فوق الذقن من الرأس لا يخمره المحرم " ، وإليه ذهب ابن عمر مالك ، وروي عنه : أنه إن فعل ذلك ولم ينزعه مكانه افتدى . وقال الشافعي والثوري وأحمد وأبو داود : يخمر المحرم وجهه إلى الحاجبين ، وروي من الصحابة عن وأبو ثور عثمان وزيد بن ثابت وجابر وابن عباس . وسعد بن أبي وقاص
واختلفوا في فقال لبس القفازين للمرأة مالك : إن لبست المرأة القفازين افتدت ، ورخص فيه ، وهو مروي عن الثوري عائشة . والحجة لمالك ما خرجه أبو داود عن النبي - عليه الصلاة والسلام - : " " . وبعض الرواة يرويه موقوفا عن أنه نهى عن النقاب والقفازين ، وصححه بعض رواة الحديث - أعني : رفعه إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - . ابن عمر
فهذا هو مشهور اختلافهم واتفاقهم في اللباس ، وأصل الخلاف في هذا كله : اختلافهم في قياس بعض [ ص: 273 ] المسكوت عنه على المنطوق به ، واحتمال اللفظ المنطوق به وثبوته أو لا ثبوته .