د - الخروج إلى  عرفة   
وأما الفعل الذي يلي هذا الفعل للحاج : فهو  الخروج يوم التروية إلى  منى   والمبيت بها ليلة  عرفة       .  
واتفقوا على أن الإمام يصلي بالناس  بمنى   يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء بها مقصورة ، إلا أنهم أجمعوا على أن هذا الفعل ليس شرطا في صحة الحج لمن ضاق عليه الوقت ، ثم إذا كان يوم  عرفة   مشى الإمام مع الناس من  منى   إلى  عرفة   ووقفوا بها .  
الوقوف  بعرفة   
والقول في هذا الفعل ينحصر في معرفة حكمه ، وفي صفته ، وفي شروطه .  
[ 1 - حكم الوقوف ]  
أما  حكم الوقوف  بعرفة       : فإنهم أجمعوا على أنه ركن من أركان الحج ، وأن من فاته فعليه حج قابل ، والهدي في قول أكثرهم ; لقوله - عليه الصلاة والسلام - : "  الحج عرفة     " .  
 [ ص: 287 ]    [ 2 -  صفة الوقوف      ]  
وأما صفته : فهو أن يصل الإمام إلى  عرفة   يوم  عرفة   قبل الزوال ، فإذا زالت الشمس خطب الناس ، ثم جمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر ، ثم وقف حتى تغيب الشمس . وإنما اتفقوا على هذا لأن هذه الصفة هي مجمع عليها من فعله - صلى الله عليه وسلم - ولا خلاف بينهم أن إقامة الحج هي للسلطان الأعظم ، أو لمن يقيمه السلطان الأعظم ; لذلك وأنه يصلي وراءه برا كان السلطان أو فاجرا أو مبتدعا ، وأن السنة في ذلك أن يأتي المسجد  بعرفة   يوم  عرفة   مع الناس ، فإذا زالت الشمس خطب الناس - كما قلنا - وجمع بين الظهر والعصر .  
واختلفوا في  وقت أذان المؤذن  بعرفة   للظهر والعصر      ; فقال  مالك     : يخطب الإمام حتى يمضي صدرا من خطبته أو بعضها ، ثم يؤذن المؤذن وهو يخطب . وقال   الشافعي     : يؤذن إذا أخذ الإمام في الخطبة الثانية . وقال  أبو حنيفة     : إذا صعد الإمام المنبر أمر المؤذن بالأذان، فأذن كالحال في الجمعة ، فإذا فرغ المؤذن قام الإمام يخطب ، ثم ينزل ويقيم المؤذن الصلاة ، وبه قال   أبو ثور  تشبيها بالجمعة . وقد حكى  ابن نافع  عن  مالك  أنه قال : الأذان  بعرفة   بعد جلوس الإمام للخطبة وفي حديث  جابر     : "  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، وأتى  بطن الوادي   فخطب الناس ، ثم أذن بلال ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ثم راح إلى الموقف     " .  
واختلفوا هل يجمع بين هاتين الصلاتين بأذانين وإقامتين ، أو بأذان واحد وإقامتين ، فقال  مالك     : يجمع بينهما بأذانين وإقامتين . وقال   الشافعي  وأبو حنيفة   والثوري   وأبو ثور  وجماعة : يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين . وروي عن  مالك  مثل قولهم . وروي عن  أحمد  أنه يجمع بينهما بإقامتين .  
والحجة   للشافعي     : حديث  جابر  الطويل في صفة حجه - عليه الصلاة والسلام - وفيه :  أنه صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين     - كما قلنا - .  
وقول  مالك  مروي عن   ابن مسعود  ، وحجته أن الأصل هو أن تفرد كل صلاة بأذان وإقامة ، ولا خلاف بين العلماء أن الإمام لو لم يخطب يوم عرفة قبل الظهر أن صلاته جائزة بخلاف الجمعة ، وكذلك أجمعوا أن القراءة في هذه الصلاة سر ، وأنها مقصورة إذا كان الإمام مسافرا .  
واختلفوا إذا كان الإمام مكيا هل يقصر  بمنى   الصلاة يوم التروية ،  وبعرفة   يوم عرفة ،  وبالمزدلفة   ليلة النحر إن كان من أحد هذه المواضع ؟ فقال  مالك   والأوزاعي  وجماعة : سنة هذه المواضع التقصير سواء كان من أهلها أو لم يكن . وقال   الثوري  وأبو حنيفة   والشافعي   وأبو ثور  وداود     : لا يجوز أن يقصر من كان من أهل تلك المواضع  
وحجة  مالك     : أنه لم يرو أن أحدا أتم الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - أعني : بعد سلامه منها .  
وحجة الفريق الثاني : البقاء على الأصل المعروف أن القصر لا يجوز إلا للمسافر حتى يدل الدليل على التخصيص . واختلف العلماء في وجوب  الجمعة  بعرفة   ومنى    ، فقال  مالك     : لا تجب الجمعة  بعرفة   ولا  بمنى   إلا أيام الحج لا لأهل  مكة   ولا لغيرهم إلا أن يكون الإمام من أهل  عرفة      . وقال   الشافعي  مثل ذلك ، إلا أنه      [ ص: 288 ] يشترط في وجوب الجمعة أن يكون هنالك من أهل  عرفة   أربعون رجلا على مذهبه في اشتراط هذا العدد في الجمعة . وقال  أبو حنيفة     : إذا كان أمير الحج ممن لا يقصر الصلاة  بمنى   ولا  بعرفة   صلى بهم فيها الجمعة إذا صادفها . وقال  أحمد     : إذا كان والي  مكة   يجمع بهم . وبه قال   أبو ثور     .  
				
						
						
