[ المسألة الثالثة ]  
[  مقدار الجزية      ]  
وأما المسألة الثالثة : وهي كم الواجب فإنهم اختلفوا في ذلك : فرأى  مالك  أن القدر الواجب في ذلك هو ما فرضه  عمر  رضي الله عنه ، وذلك على أهل الذهب : أربعة دنانير ، وعلى أهل الورق : أربعون درهما ، ومع ذلك أرزاق المسلمين ، وضيافة ثلاثة أيام ، لا يزاد على ذلك ولا ينقص منه . وقال   الشافعي     : أقله محدود وهو دينار ، وأكثره غير محدود ، وذلك بحسب ما يصالحون عليه . وقال قوم : لا توقيت في ذلك ، وذلك مصروف إلى اجتهاد الإمام وبه قال   الثوري     . وقال  أبو حنيفة  وأصحابه : الجزية اثنا عشر درهما ، وأربعة وعشرون درهما ، وثمانية وأربعون ، لا ينقص الفقير من اثني عشر درهما ، ولا يزاد الغني على ثمانية وأربعين درهما ، والوسط أربعة وعشرون درهما . وقال  أحمد     : دينار أو عدله معافر ، لا يزاد عليه ولا ينقص منه .  
وسبب اختلافهم : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وذلك أنه روي : "  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث  معاذا  إلى اليمن ، وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا ، أو عدله معافر     " وهي ثياب باليمن .  
وثبت  عن  عمر  أنه ضرب الجزية على أهل الذهب : أربعة دنانير ، وعلى أهل الورق : أربعين درهما ، مع ذلك أرزاق المسلمين ، وضيافة ثلاثة أيام .  
وروي عنه أيضا أنه بعث   عثمان بن حنيف  فوضع الجزية على أهل السواد ثمانية وأربعين ، وأربعة وعشرين واثني عشر     .  
فمن حمل هذه الأحاديث كلها على التخيير وتمسك في ذلك بعموم ما ينطلق عليه اسم جزية ; إذ ليس في توقيت ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متفق على صحته ; وإنما ورد الكتاب في ذلك عاما ; قال : لا حد في ذلك ، وهو الأظهر ، والله أعلم .  
ومن جمع بين حديث  معاذ     ; والثابت عن  عمر  قال : أقله محدود ، ولا حد لأكثره .  
ومن رجح أحد حديثي  عمر  قال : إما بأربعين درهما وأربعة دنانير ، وإما بثمانية وأربعين درهما ، وأربعة وعشرين ، واثني عشر على ما تقدم .  
 [ ص: 332 ] ومن رجح حديث  معاذ  لأنه مرفوع قال : دينار فقط ، أو عدله معافر ، لا يزاد على ذلك ولا ينقص منه .  
				
						
						
