الباب الثالث في أحكام الذبح .  
- ويتعلق بالذبح المختص بالضحايا . النظر في الوقت ، والذبح . أما الوقت : فإنهم اختلفوا فيه في ثلاثة مواضع : في ابتدائه وفي انتهائه ، وفي الليالي المتخللة له .  
[ المسألة الأولى ]  
[  ابتداء وقت الذبح      ]  
فأما في ابتدائه : فإنهم اتفقوا على أن الذبح قبل الصلاة لا يجوز لثبوت قوله عليه الصلاة والسلام : " من  ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم     " . وأمره بالإعادة لمن ذبح قبل الصلاة ، وقوله :    " أول ما نبدأ به في يومنا هذا هو أن نصلي ثم ننحر     " . إلى غير ذلك من الآثار الثابتة التي في هذا المعنى .  
واختلفوا فيمن ذبح قبل ذبح الإمام وبعد الصلاة : فذهب  مالك  إلى أنه لا يجوز لأحد ذبح أضحيته قبل ذبح الإمام . وقال  أبو حنيفة   والثوري     : يجوز الذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام .  
 [ ص: 358 ] وسبب اختلافهم : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وذلك أنه جاء في بعضها : "  أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر لمن ذبح قبل الصلاة أن يعيد الذبح     " ، وفي بعضها : "  أنه أمر لمن ذبح قبل ذبحه أن يعيد     " ، خرج هذا الحديث الذي فيه هذا المعنى  مسلم     .  
فمن جعل ذلك موطنين اشترط ذبح الإمام في جواز الذبح . ومن جعل لذلك موطنا واحدا قال : إنما يعتبر في إجزاء الذبح الصلاة فقط .  
وقد اختلفت الرواية في حديث أبي بردة بن نيار ، وذلك أن في بعض رواياته :    " أنه ذبح قبل الصلاة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الذبح     " . وفي بعضها :    " أنه ذبح قبل ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالإعادة     " . وإذا كان ذلك كذلك ; فحمل قول الراوي أنه ذبح قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقول الآخر ذبح قبل الصلاة على موطن واحد أولى ، وذلك أن من ذبح قبل الصلاة فقد ذبح قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب أن يكون المؤثر في عدم الإجزاء إنما هو الذبح قبل الصلاة ، كما جاء في الآثار الثابتة في ذلك من حديث  أنس  وغيره : "  أن من ذبح قبل الصلاة فليعد     " . وذلك أن تأصيل هذا الحكم منه صلى الله عليه وسلم يدل بمفهوم الخطاب دلالة قوية أن الذبح بعد الصلاة يجزئ ، لأنه لو كان هنالك شرط آخر مما يتعلق به إجزاء الذبح لم يسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن فرضه التبيين ، ونص حديث  أنس  هذا قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر : " من كان ذبح قبل الصلاة فليعد     " .  
واختلفوا من هذا الباب في فرع مسكوت عنه وهو :  متى يذبح من ليس له إمام من أهل القرى   ؟ فقال  مالك     : يتحرون ذبح أقرب الأئمة إليهم . وقال   الشافعي     : يتحرون قدر الصلاة والخطبة ويذبحون . وقال  أبو حنيفة     : من ذبح من هؤلاء بعد الفجر أجزأه ; وقال قوم : بعد طلوع الشمس .  
وكذلك اختلف أصحاب  مالك  في فرع آخر وهو : إذا لم يذبح الإمام في المصلى ، فقال قوم : يتحرى ذبحه بعد انصرافه . وقال قوم : ليس يجب ذلك .  
				
						
						
