[ المسألة الثانية ]
[ انتهاء وقت الذبح ]
وأما فإن آخر زمان الذبح مالكا قال : آخره : اليوم الثالث من أيام النحر ، وذلك مغيب الشمس . فالذبح عنده هو في الأيام المعلومات : يوم النحر ، ويومان بعده ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وجماعة . وقال الشافعي : الأضحى أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده . وروي عن جماعة أنهم قالوا : الأضحى يوم واحد ، وهو يوم النحر خاصة . وقد قيل : الذبح إلى آخر يوم من ذي الحجة ، وهو شاذ لا دليل عليه . وكل هذه الأقاويل مروية عن السلف . والأوزاعي
وسبب اختلافهم شيئان :
أحدهما : اختلافهم في الأيام المعلومات ما هي في قوله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ؟ فقيل : يوم النحر ويومان بعده وهو المشهور ، وقيل : العشر الأول من ذي الحجة .
[ ص: 359 ] والسبب الثاني : معارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث ، وذلك أنه ورد فيه عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " جبير بن مطعم " . فمن قال في الأيام المعلومات : إنها يوم النحر ويومان بعده في هذه الآية ; ورجح دليل الخطاب فيها على الحديث المذكور قال كل فجاج مكة منحر ، وكل أيام التشريق ذبح " لا نحر إلا في هذه الأيام " . ومن رأى الجمع بين الحديث والآية وقال لا معارضة بينهما إذ الحديث اقتضى حكما زائدا على ما في الآية ، مع أن الآية ليس المقصود منها تحديد أيام الذبح ; والحديث المقصود منه ذلك قال : يجوز الذبح في اليوم الرابع إذ كان باتفاق من أيام التشريق .
ولا خلاف بينهم أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق ، وأنها ثلاثة بعد يوم النحر ، إلا ما روي عن أنه قال : سعيد بن جبير يوم النحر من أيام التشريق . وإنما اختلفوا في الأيام المعلومات على القولين المتقدمين .
وأما من قال : يوم النحر فقط فبناء على أن المعلومات هي العشر الأول . قال : وإذا كان الإجماع قد انعقد أنه لا يجوز الذبح منها إلا في اليوم العاشر ، وهي محل الذبح المنصوص عليها ; فواجب أن يكون الذبح إنما هو يوم النحر فقط .