[ ص: 454 ] الجملة الثانية
[ في أركان الطلاق ]
وفي هذه الجملة ثلاثة أبواب :
الباب الأول : في ألفاظ الطلاق وشروطه .
الباب الثاني : في تفصيل من يجوز طلاقه ممن لا يجوز .
الباب الثالث : في تفصيل من يقع عليها الطلاق من النساء ممن لا يقع .
الباب الأول
في ألفاظ الطلاق وشروطه
وهذا الباب فيه فصلان :
الفصل الأول : في أنواع ألفاظ الطلاق المطلقة .
الفصل الثاني : في أنواع ألفاظ الطلاق المقيدة .
الفصل الأول
في أنواع ألفاظ الطلاق المطلقة
- أجمع المسلمون على أن الطلاق يقع إذا كان بنية وبلفظ صريح . واختلفوا هل يقع بالنية مع اللفظ الذي ليس بصريح ، أو بالنية دون اللفظ ، أو باللفظ دون النية .
فمن اشترط فيه النية واللفظ الصريح فاتباعا لظاهر الشرع ، وكذلك من أقام الظاهر مقام الصريح ، ومن شبهه بالعقد في النذر وفي اليمين أوقعه بالنية فقط ، ومن أعمل التهمة أوقعه باللفظ فقط .
واتفق الجمهور على أن ، ألفاظ الطلاق المطلقة صنفان : صريح . واختلفوا في تفصيل الصريح من الكناية ، وفي أحكامها وما يلزم فيها ، ونحن إنما قصدنا من ذلك ذكر المشهور وما يجري مجرى الأصول : وكناية
فقال مالك وأصحابه : الصريح هو لفظ الطلاق فقط ، وما عدا ذلك كناية ، وهي عنده على ضربين : ظاهرة ومحتملة ، وبه قال أبو حنيفة . وقال : ألفاظ الطلاق الصريحة ثلاث : الطلاق ، والفراق ، والسراح ، وهي مذكورة في القرآن . وقال بعض أهل الظاهر : لا يقع طلاق إلا بهذه الثلاث . فهذا هو اختلافهم في صريح الطلاق من غير صريحه . الشافعي
وإنما اتفقوا على أن لفظ الطلاق صريح لأن دلالته على هذا المعنى الشرعي دلالة وضعية بالشرع فصار أصلا في هذا الباب . وأما ألفاظ الفراق والسراح فهي مترددة بين أن يكون للشرع فيها تصرف ( أعني : أن تدل بعرف الشرع على المعنى الذي يدل عليه الطلاق ) ، أو هي باقية على دلالتها اللغوية ، فإذا استعملت في هذا المعنى ( أعني : في معنى الطلاق ) كانت مجازا ، إذ هذا هو معنى الكناية ( أعني : اللفظ الذي يكون مجازا في دلالته ) ، وإنما ذهب من ذهب إلى أنه لا يقع الطلاق إلا بهذه الألفاظ الثلاثة ; لأن الشرع إنما ورد بهذه الألفاظ الثلاثة ، وهي عبادة ، ومن شرطها اللفظ ، فوجب أن يقتصر بها على اللفظ الشرعي الوارد فيها .
[ ص: 455 ] فأما اختلافهم في أحكام صريح ألفاظ الطلاق ففيه مسألتان مشهورتان : إحداهما : اتفق مالك ، ، والشافعي وأبو حنيفة عليها . والثانية : اختلفوا فيها .
[ المسألة الأولى ]
[ هل يقبل ؟ ] قول المطلق أنه لم يرد الطلاق
فأما التي اتفقوا عليها : فإن مالكا ، والشافعي وأبا حنيفة قالوا : لا يقبل قول المطلق إذا نطق بألفاظ الطلاق أنه لم يرد به طلاقا إذا قال لزوجته : أنت طالق ، وكذلك السراح والفراق عند . واستثنت المالكية بأن قالت : إلا أن تقترن بالحالة أو بالمرأة قرينة تدل على صدق دعواه ، مثل أن تسأله أن يطلقها من وثاق هي فيه وشبهه فيقول لها أنت طالق . الشافعي
وفقه المسألة عند الشافعي وأبي حنيفة : أن الطلاق لا يحتاج عندهم إلى نية . وأما مالك فالمشهور عنه أن الطلاق عنده يحتاج إلى نية ، لكن لم ينوه هاهنا لموضع التهم ، ومن رأيه : الحكم بالتهم سدا للذرائع ، وذلك مما خالفه فيه ، الشافعي وأبو حنيفة ، فيجب على رأي من يشترط النية في ألفاظ الطلاق ولا يحكم بالتهم أن يصدقه فيما ادعى .