الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
170 - و(قد) قال -صلى الله عليه وسلم-: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله   " فدل أنه الداعي إلى الإيمان. وعندهم: أن الداعي إلى الإيمان هو العقل.

وجاء الكتاب مؤيدا لهذا قال الله تعالى: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض الآية. [ ص: 317 ] فدل أن الدعوى له، وأن الحجة تقوم به، وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة، وما أوحش قول من يقول: إنه لا دعوة لأحد من النبيين والمرسلين إلى الإيمان على الحقيقة، وإن وجودهم وعدمهم في هذا بمنزلة واحدة، ولو لم يكونوا كان وجوب الإيمان على الناس على الجهة التي وجبت عليهم بعد وجودهم، ولا حظ لدعوتهم في هذا، وإنما الحظ لدعوتهم في الشرائع، وفروع العبادات. فقد جعلوا عقولهم دعاة إلى الله، ووضعوها موضع الرسل فيما بينهم، ولو قال قائل: لا إله إلا الله، عقلي رسول الله، لم يكن مستنكرا عند المتكلمين من جهة المعنى، وظهر فساد قول من سلك هذا المسلك.

ثم نقول والله الهادي والموفق: إن الله -تعالى- أسس دينه، وبناه على الاتباع وجعل إدراكه وقبوله بالعقل،  فمن الدين معقول وغير معقول، والاتباع في جميعه واجب. ومن أهل السنة من قال بلفظ آخر، قال: إن الله لا يعرف بالعقل، ولا يعرف مع عدم العقل، ومعنى [ ص: 318 ] هذا: أن الله -تعالى- هو الذي يعرف العبد ذاته؛ فيعرف الله بالله لا بغيره، لقوله -عز وجل-: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، ولم يقل: ولكن العقل يهدي من يشاء. وقال تعالى: ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية