[ ص: 323 ] 202 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد بها قتله فقد وجب دمه
1287 - حدثنا قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي قال : حدثني سعيد بن أبي مريم قال : حدثني سليمان بن بلال علقمة يعني : ابن أم علقمة ، عن أمه ، عن قالت : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : عائشة من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه .
1288 - حدثنا قال : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا سعيد بن كثير بن عفير ، عن سليمان بن بلال علقمة بن أم علقمة ، [ ص: 324 ] عن أمه ، عن قالت : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ... ثم ذكر مثله . عائشة
1289 - حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، عن الفضل بن موسى السيناني ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عبد الله بن الزبير من شهر سيفه ، ثم وضعه فدمه هدر . قال الفضل : يعني ضرب به .
1290 - حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن مخلد الأصبهاني قال : حدثنا قال : أخبرنا إسحاق بن راهويه قال : حدثنا الفضل بن موسى ، ثم ذكر بإسناده مثله . معمر
[ ص: 325 ] فتأملنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رضي الله عنها : من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد بها قتله فقد وجب دمه ؛ ما ذلك الوجوب ؟ فرأينا الرجل يقول : قد وجب ديني على فلان يعني : دينه الذي كان آجلا فحل له عليه بمعنى قوله : قد حل ديني على فلان ، فعقلنا بذلك أن قوله في هذا الحديث : فقد وجب دمه أي : فقد حل دمه . عائشة
فقال قائل : فلم لم يقل : فقد حل له دمه ؟ قيل له : لأن قتله قد حل للذي أشير إليه بالحديدة ولمن سواه من الناس مما يحاول دفعه عنه ويمنع وقوع سلاحه به ؛ ألا ترى أن الذي أشير إليه بالحديدة لو كان زمنا أو عاجزا بما سوى الزمانة عن قتل الذي أشار إليه بالحديدة ليقتله بها أن على غيره ممن به على ذلك القوة أن يقتله حتى لا يتم ما كان منه من إشارته بالحديدة إلى صاحبه ليقتله بها ، فلذلك لم يقصد بوجوب الدم إلى الذي أشير إليه بالحديدة خاصة - والله أعلم - .
وكان الأصل في هذا الباب أن الذي أشار بالحديدة إلى صاحبه قد أشار إليه بشيء إذا تم منه فيه وجب دمه للذي أشار إليه بالحديدة ، فلما كان دمه يجب له بذلك وجب له أخذ دم الذي أشار إليه بالحديدة قبل إمضائه إياها فيه . وهذا المعنى هو الذي كان رحمه الله وأصحابه يذهبون إليه في هذا الباب ويعلونه بهذه العلة التي ذكر . أبو حنيفة
كما
حدثنا محمد بن العباس بن الربيع قال : حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد محمد بن الحسن قال : أخبرنا ، عن يعقوب أبي حنيفة ، ولم يحك في ذلك خلافا بينهم . في رجل شهر السلاح على المسلمين قال : حق على [ ص: 326 ] المسلمين أن يقتلوه ، ولا شيء عليهم . قال : ولو كان الذي شهر السلاح مجنونا فشهره على رجل فقتله ذلك الرجل كان عليه ضمان ديته
وذهبوا إلى أن المجنون الذي ذكرنا لو تم ما أشار به في الذي أشار به إليه لم يحل له به دمه ، فلما كان دمه لا يحل له بإمضائه ما أشار به إليه فيه كان بإشارته إليه أحرى أن لا يحل له بذلك دمه .
وأما ما في حديث ابن الزبير من قوله - صلى الله عليه وسلم - : من شهر سيفه ثم وضعه فدمه هدر . وما تأوله الفضل بن موسى في قوله : ثم وضعه أنه على وضعه إياه في الذي شهره عليه ، فذلك تأويل صحيح ؛ لأنه إذا كان للذي أشير به إليه قبل أن يوضع ما أشير به إليه فيه حلا كان بعد وضعه إياه فيه أحرى أن يحل له ذلك منه ، والله أعلم .
وقد روي عن رحمه الله في ذلك ما قد توهمه بعض الناس مخالفة لذلك : أبي حنيفة
وهو ما قد .
حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد محمد قال : أخبرنا ، عن يعقوب أبي حنيفة
[ ص: 327 ] قال : عليه القود ، ولم يحك في ذلك خلافا بينهم . في رجل شهر سيفه على رجل فقطع به يده ثم قتله المشهور عليه السيف .
وليس هذا عندنا من مذهبه هذا - والله أعلم - خلافا لهذا الحديث ، ولكنه على أن الشاهر عليه السيف لما قطع يده كف عن إشهاره إياه عليه ، فحرم بذلك قتله على الذي شهر عليه . فأما إذا كان بعد قطعه يده على ما كان عليه مما شهر به سيفه عليه فهو بذلك في حكمه قبل قطعه يده ، وفي أسوأ حال منه ومعقول فيه أن حل دمه له حينئذ فوق حل دمه له قبل قطع يده . والله نسأله التوفيق .