281 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، حدثنا ، عن أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي أبيه ، عن قال : { أبي ذر ، تدري أين تذهب هذه ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإنها تذهب تستأذن في السجود ، فيؤذن لها ، وكأنها قد قيل لها : اطلعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها . قال : ثم قرأ في قراءة أبا ذر عبد الله ( ذلك مستقر لها ) دخلت المسجد فإذا النبي صلى الله عليه وسلم جالس ، فلما غابت الشمس قال : يا } .
[ ص: 255 ] ففي هذا ما يدل على أن الشمس تغرب في السماء .
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا فيما تغرب فيه .
282 - ما حدثنا ، حدثنا [ ص: 256 ] علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني ، عن حماد بن سلمة عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ، عن سعيد بن جبير ، { عن النبي عليه السلام ابن عباس في عين حمئة أنه قرأ } ، وكأن هذا الحديث مما لم يرفعه أحد من حديث ، غير حماد بن سلمة عبد الغفار بن داود ، وهو مما يخطئه فيه أهل الحديث ، ويقولون : إنه موقوف على ، وقد خالفه فيه أصحاب حماد فلم يرفعوه ، فممن خالفه فيه منهم : ابن عباس ، خالد بن عبد الرحمن الخراساني وحجاج بن منهال الأنماطي .
كما قد حدثنا محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي أبو جعفر ، حدثنا ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، عن حماد بن سلمة عبد الله بن عثمان ، عن ، عن سعيد بن جبير ابن عباس في عين حمئة يهمزها . أنه كان يقرؤها :
وكما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد عبد الله بن عثمان فذكر بإسناده مثله ، ولم يرفعه .
وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عباس ، عن ، عن رسول الله عليه السلام بموافقة هذا المعنى . أبي بن كعب
[ ص: 257 ]
283 - كما قد حدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا معلى بن منصور محمد بن دينار يعني الطاحي ، عن سعد بن أوس ، عن مصدع أبي يحيى ، عن { قال : ابن عباس كما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم : أبي تغرب في عين حمئة مخففة أقرأني } .
284 - وكما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو داود الطيالسي محمد بن دينار ، ثم ذكر بإسناده مثله ولم يقل : مخففة .
285 - وكما قد حدثنا ، حدثنا أبو أمية قيس بن حفص الدارمي ، حدثنا محمد بن دينار ، ثم ذكر بإسناده مثله ، ولم يقل : مخففة .
ففيما روينا في حديث ، عن ابن عباس أبي هذا ما يثبت قراءة من قرأ هذا الحرف ، كما قد ذكرناه فيه ، وهي قراءة نافع ، وأكثر أهل المدينة ، وقد شد ذلك :
ما قد حدثنا ، أخبرنا يونس ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء قال : ابن عباس ، ونحن عند عمرو بن العاص معاوية فقال : ابن عباس عين حمئة ، وقال عمرو : حامية . قال : فسألنا فقال : إنها في كتاب الله المنزل لتغرب في طينة سوداء كعبا . خالفني
[ ص: 258 ] حدثنا ، حدثنا يونس في شاهد عمرو بن خالد حمئة .
حدثنا ، عن محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن ميمون أبي حاضر الحميري ، عن قال : ابن عباس معاوية وعنده فقال عبد الله بن عمرو معاوية لعبد الله : كيف تقرأ هذا الحرف وجدها تغرب في عين قال : في عين حامية . فقال فقلت ابن عباس لمعاوية : أتسأل هذا عن القرآن ، وإنما نزل في بيتي ، فقال : كيف تقرؤها يا ؟ فقلت : ابن عباس وجدها تغرب في عين حمئة .
[ ص: 259 ] قال أبو حاضر : فقلت : أنا أشد قولك بقول صاحبنا تبع : لابن عباس
قد كان ذو القرنين قبلي مسلما ملكا تدين له الملوك وتحشد بلغ المشارق والمغارب يبتغي
أسباب علم من حكيم مرشد وأتى مغيب الشمس عند غروبها
في عين ذي خلب وثأط حرمد
فذكرت ذلك لأبي محمد بن سلامة رحمه الله فقال لي : هذه قوافي مختلفة ، وقد رأيت أهل العلم بالشعر ، منهم : أبو بجاد الحارثي البصري وغيره من أهل العلم بالشعر ينشدون الأول من هذه الأبيات بغير ما ذكرت لي عن يونس ، وهو :
قد كان ذو القرنين خالي قد أتى طرف البلاد من المكان الأبعد
[ ص: 260 ] وحدثنا ، حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا نعيم ، عن عبدة وهو ابن سليمان الكلابي ، أخبرنا عمرو بن ميمون ابن حاضر ، أو أبو حاضر ، عن قال : ابن عباس في الكهف معاوية وجدها تغرب في عين حامية فقلت : إنا نقرؤها حمئة فسأل معاوية عنها فقال : كما قرأتها . قال عبد الله بن عمرو : فقلت : في بيتي نزل القرآن ، قال : فبعث معاوية إلى ابن عباس يسأله أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ قال : في ماء وطين . قال : فقلت كعب : لو كنت عندكم لرفدتك بما تزداد به بصيرة في حمئة . قال لابن عباس : وماذا هو ؟ قال : قلت : نجد فيما كان من قول تبع ما ذكره في ذي القرنين من كلفه بالعلم ، وإمعانه إياه : ابن عباس
بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغاب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثأط حرمد
فقال قائل : حديث عن ابن عباس أبي هذا يخالف حديث [ ص: 261 ] الذي رويته في أول الباب ؛ لأن في حديث أبي ذر غروب الشمس في السماء ، وفي هذا غروبها في طينة سوداء ، والطين فإنما يكون في الأرض لا في السماء . أبي ذر
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله أن الطين قد يكون في السماء ، كما يكون في الأرض ، وقد دل على ذلك قول الله تعالى مما ذكره عن أضياف إبراهيم عليه السلام مما كان جوابا منهم لإبراهيم من قوله : فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين ، فدل ذلك على أن الطين في السماء كما هو في الأرض ، فقال هذا القائل : ففي شعر تبع الذي رويته :
فرأى مغيب الشمس ...
فذلك مما قد دل أنه قد رأى مغيبها ، وأنه في الأرض لا في السماء .فكان جوابنا له عن ذلك أن الذي رويناه ، عن هو عن رسول الله عليه السلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحجة في اللغة ، وفيما سواها ، ومع هذا فقد يجوز أن تكون تلك الرؤية التي أرادها تبع رؤية يقين وعلم بالقلب ، لا رؤية عين كما قال الله تعالى : أبي ذر ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ، فكان ذلك على رؤية القلوب ويقينها ، لا على رؤية الأبصار ، فخرج بذلك جميع ما ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب على الالتئام بغير تضاد فيه ، ولا اختلاف .
وقد قرأ هذا الحرف أعني حمئة غير بخلاف ما قرأه ابن عباس ، وهو ابن عباس حامية منهم . ابن مسعود
[ ص: 262 ] كما حدثنا أحمد بن أبي عمران ، حدثنا ، حدثنا خلف بن هشام ، عن الخفاف هارون ، عن ، عن عاصم ، عن زر ابن مسعود حامية ، يقول : حارة . أنه كان يقرأ
ومنهم ابن الزبير .
كما قد حدثنا أحمد ، حدثنا ، حدثنا خلف عبيد بن عقيل ، عن شبل ، عن محمد بن عبد الرحمن بن محيصن ، عن أبيه ، عن : ابن الزبير . حامية بألف كمثل
وفي الفصل الأول عن الذي كان مع عند ابن عباس معاوية من عمرو ، ومن ابنه عبد الله هذه القراءة أيضا ، ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى موافقة ابن عباس في ابن عباس حمئة ، والأكثر منهم على حامية ، وقد روينا من ذلك ما رويناه ، وتركنا ما سواه مما لا يتصل أسانيده .
وكان ممن قرأ هذا الحرف أيضا عاصم ، وسليمان الأعمش ، وحمزة ، وذكر لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد أنه كان يذهب إلى ذلك ويختاره ، لكثرة عدد القراء ؛ ولأن عاصما لقراءته من صحة المخرج ما ليس لقراءة غيره .
[ ص: 263 ] سمعت أحمد بن أبي عمران يقول : سمعت يقول : يحيى بن أكثم عاصم ؛ لأنه يقول : قرأت القرآن على أبي عبد الرحمن ، وقرأ أبو عبد الرحمن على علي ، وقرأ علي على النبي عليه السلام ، قال : وكنت أنصرف من عند أبي عبد الرحمن ، فأمر بزر بن حبيش ، فأقرأ عليه كما قرأت على أبي عبد الرحمن فلا يغير علي شيئا . قال : وقرأ زر على ، وقرأ ابن مسعود على رسول الله عليه السلام ابن مسعود . إن كانت القراءة تؤخذ بصحة المخرج ، فما نعلم لقراءة من صحة المخرج ما صح لقراءة
قال : وصدق ، وقد كنا أخذنا قراءة أبو جعفر عاصم حرفا حرفا عن روح بن الفرج ، وحدثنا أنه أخذها عن يحيى بن سليمان الجعفي ، وأنه قال لهم : حدثنا ، قال : أبو بكر بن عياش عاصم قال أبو بكر : فقلت : على من قرأت ؟ فقال : على لعاصم السلمي ، وقرأ على علي ، وقرأ علي على النبي عليه السلام . قال عاصم : وكنت أجعل طريقي على زر فأقرأ عليه ، وقرأ زر على ، وقرأ على النبي عليه السلام ابن مسعود . قرأت على
ولقد حدثني إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي ، حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي ، قال : سمعت حفص بن سليمان الكوفي ، عن قال : قال عاصم أبو عبد الرحمن فأكثرت ، وأمسكت عليه فأكثرت ، وأقرأت علي الحسن والحسين حتى ختما القرآن ، ولقيت بحروف القرآن ، فما خالف زيد بن ثابت عليا في حرف فلو أضاف مضيف قراءة : قرأت على عاصم كلها إلى النبي عليه السلام لما كان معنفا ، ومما يقوي ذلك :
286 - ما حدثنا فهد ، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، حدثنا [ ص: 264 ] ، شريك بن عبد الله ، وأبو معاوية ، عن ووكيع ، عن الأعمش قال : أبي ظبيان على القراءة الأولى تقرأ قراءة لابن عباس ؟ قال : بل قراءة ابن مسعود هي الآخرة . { إن ابن مسعود جبريل عليه السلام كان يعرض على نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كل رمضان ، فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه مرتين } ، فشهد عبد الله ما نسخ منه وما بدل قلت .
287 - وما حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو غسان ، عن إسرائيل بن يونس إبراهيم بن مهاجر ، عن ، عن مجاهد ابن عباس زيد . قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل في كل سنة ، فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين ، فشهده ، فكانت قراءة ابن مسعود آخرا عبد الله أنه قال لأصحابه : أي القراءتين ترون آخرا ؟ قالوا : قراءة .
قال : والاختلاف في هاتين القراءتين في هذا الحرف من أيسر الاختلاف ؛ لأنا إذا صححنا ما روي في العين التي تغرب فيها الشمس استحق بذلك الحمأ والحرارة جميعا ، فكانتا من صفاتها ، وكان من قرأ أبو جعفر حامية وصفها بإحدى صفاتها ، ومن قرأ حمئة وصفها بصفتها الأخرى ، وذلك واسع غير ضيق على أحد ممن روى قراءة من هاتين القراءتين .