[ ص: 337 ] 695 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختلاف المتبايعين في الثمن
قال : هذا باب يزعم أهل العلم بالأسانيد أن الذي يجدونه فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو جعفر
4481 - ما قد حدثناه ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا المؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان الثوري معن بن عبد الرحمن ، عن قال : قال : القاسم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله البيعان إذا اختلفا وليس بينهما شاهد ، فالقول ما قال البائع ، أو يترادان .
[ ص: 338 ]
4482 - وما حدثنا ، حدثنا ابن أبي داود سليمان بن حرب قالا : حدثنا ومسدد ، عن حماد بن زيد ، عن أبان بن تغلب القاسم بن عبد الرحمن اشترى من الأشعث بن قيس عبد الله رقيقا من رقيق الإمارة ، فأتاه يتقاضاه ، فاختلفا في الثمن ، فقال له : ترضى أن أقضي بيني وبينك بما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اختلف البيعان ، فالقول ما قال البائع ، أو يترادان ، أو يتتاركان عبد الله أن .
[ ص: 339 ]
4483 - وما قد حدثنا ، حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا الحسين بن حفص ، حدثنا سفيان معن بن عبد الرحمن ، عن ، ثم ذكر مثل حديث يزيد عن مؤمل سواء . القاسم بن عبد الرحمن
قال : فذكرت هذا الباب أبو جعفر لأحمد بن شعيب ، وقلت له : هل عندك شيء يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لي : نعم .
4484 - أخبرنا قال : أخبرنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن إدريس يعني أبا حاتم ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، عن أبي ، حدثني أبي عميس عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، عن أبيه ، عن جده قال : قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عبد الله إذا اختلف البيعان [ ص: 340 ] وليس بينهما بينة ، فهو ما يقول رب السلعة ، أو يتتاركان .
قال : فكان هذا الحديث هو الذي وجدناه موصولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، وإن كان بعض الناس يذكر أنه يبعد في قلبه لقاء أبي عميس عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، لأن عبد الرحمن هذا ممن كان الحجاج قتله ، وذلك مما عسى أن يكون بعد التسعين إلى مائة ، فإن ذلك من قوله عندنا ليس بشيء ، لأن أبا عميس كبير السن ، ولأنه يقول في هذا الحديث : حدثني عبد الرحمن ابن الأشعث وأبو عميس ، فقد روى عن أمثال عبد الرحمن بن محمد من ، ومن عطاء بن أبي رباح ، ومن الشعبي القاسم بن عبد الرحمن .
وقد كنت أنا ذكرت هذا الباب قبل هذا لأحمد بن أبي عمران ، وقلت له : عندك شيء متصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لي : أما أن أجده منصوصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ، ولكن الحجة قد قامت به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اليمين على المدعى عليه " ، وكان المتبايعان لما [ ص: 341 ] اختلفا في ثمن المبيع قد ادعى كل واحد منهما بيعا بثمن غير البيع الذي ادعاه صاحبه بالثمن الذي ادعاه ، فكانا بذلك متداعيين بيعين مختلفين ، وقد عقلنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليمين على المدعى عليه ، فعقلنا بذلك أنهما من أجل ذلك يتحالفان ، وتنتفي دعوى كل واحد منهما عن صاحبه ، ويكون العبد بحاله في يد المدعى عليه بغير حجة قامت له على الذي ادعى عليه البيع الذي ادعاه عليه فيه ، وبغير حجة قامت لمدعي البيع عليه بالبيع الذي ادعاه عليه فيه . فإن قال قائل : إن هذين المتداعيين قد أجمعا جميعا على أن المبتاع للعبد قد ثبت البيع فيه ، وإنما اختلفا في الثمن ، فالواجب أن يعودا إلى حكم رجلين ادعى أحدهما على الآخر مالا ، فصدقه في بعضه ، وأنكر بقيته ، فيلزمه ما أقر له به ، ويحلف له إن طلب يمينه على ما بقي مما ادعى عليه منه ، ويكون العبد سالما للمطلوب لاتفاقه وبائعه على ملكه .
فكان جوابي له في ذلك أن الأمر ليس في ذلك ، كما ذكروا أن الاختلاف في الثمنين اختلاف في العقدين ، وذلك أني رأيت الرجل إذا ادعى على رجل ألف درهم وخمس مائة ، وأنكر ذلك المدعى عليه ، وأقام عليه المدعي شاهدا بألف وشاهدا بالألف والخمس مائة التي ادعاها أنه يقضى له بالذي اتفق شاهداه عليه ، ورأيت ذلك لو كان منه في دعوى البيع بألف وخمس مائة ، وأقام شاهدين فشهد له أحدهما على ما ادعى ، وشهد له الآخر أن البيع كان بألف أن الشهادة باطلة ، وأنه لا يجب له فيها شيء ، فعقلت بذلك أن الاختلاف في الثمنين اللذين ذكرنا يوجب دعوى بيعين من المتداعيين ، وأن الاختلاف في مقدار الثمن المدعى به ولا إضافة له إلى ثمن بيع يوجب مالا [ ص: 342 ] واحدا مختلفا في مقداره . وإذا كان البيعان مختلفين فيما ذكرنا ، وحلف على ذلك متداعياهما ، وجب فسخ ما ادعاه كل واحد منهما على صاحبه ، ووجب سلامة العبد لمن هو في يده ، إذ لم تقم عليه حجة بما ادعي عليه فيه ، فغنيت بهذا عن طلب الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم المتداعيين في الثمن المختلفين فيه . قال : وقد كان أبو حنيفة وأبو يوسف جميعا يذهبان إلى ما قال هذا القائل الذي حاججته بهذه الحجة ، والذي عندي في ذلك ما قد ذكرته مما قد احتججت به في هذا الباب ، وهو مذهب محمد بن الحسن فيه . ولما قد ذكرت عن أبي حنيفة وأبي يوسف كانا يقولان : إذا اختلفا في ثمن المبيع تحالفا وترادا إذا كان المبيع قائما ، وإذا اختلفا فيه وهو فائت ، كان القول فيه قول المشتري ، قال : لأن الذي يوجبه القياس عندي في ذلك كله أن يكون القول قول المشتري ، ولكنه لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما ذكرت ، قلت به ، ورددت الجواب بعده إلى ما يوجبه القياس . أبو حنيفة
قال ابن أبي عمران : ولكني أقول لو لم يكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا شيء ، لكان القياس يوجب ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وإذا كان ذلك كذلك وجب استعماله في الحي وفي الميت ، لأن ما وجب رده إذا كان حيا وجب رد قيمته إذا كان فائتا .
قال : وهذا معنى لطيف حسن ، وبالله التوفيق . أبو جعفر