[ ص: 432 ] 920 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن ، وإذنها صماتها .
5731 - حدثنا ، أخبرنا يونس ، أن ابن وهب أخبره . مالكا
5732 - وحدثنا ، إبراهيم بن مرزوق وصالح بن عبد الرحمن ، قالا : حدثنا
5733 - وحدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي . محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي ، حدثنا ، قالوا : حدثنا إسماعيل بن مسلمة القعنبي ، عن مالك بن أنس عبد الله بن الفضل ، عن ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر في نفسها ، وإذنها صماتها .
[ ص: 433 ] هكذا روى مالك هذا الحديث عن عبد الله بن الفضل ، وقد رواه عن عبد الله بن الفضل زياد بن سعد ، فقصر عن بعض ألفاظه التي رواه بها مالك عنه .
5734 - كما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، عن سفيان بن عيينة ، عن زياد بن سعد عبد الله بن الفضل : سمع يحدث ، عن نافع بن جبير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ابن عباس الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر . [ ص: 434 ] وقد رواه أيضا عن نافع بن جبير بزيادة على ما رواه عنه صالح بن كيسان عبد الله بن الفضل عليه .
5735 - كما حدثنا فروة بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، عن عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع بن جبير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس ليس للأب مع الثيب أمر ، والبكر تستأمر ، وإذنها صماتها . [ ص: 435 ] فزاد صالح على عبد الله بن الفضل بما في حديثه هذا : ليس للأب مع الثيب أمر ، وقد روى هذا الحديث أيضا ابن موهب ، عن نافع بن جبير .
5736 - كما حدثنا ، حدثنا الحسين بن نصر ، حدثنا يوسف بن عدي قال : حدثنا حفص بن غياث ابن موهب .
5737 - وكما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد ، قال عيسى بن يونس الحسين في حديثه : عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن ، عن نافع بن جبير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكرا مثل حديث ابن عباس مالك عن عبد الله بن الفضل .
[ ص: 436 ] فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به إن شاء الله ، فكان ظاهر معنى ما في حديث زياد ، ومالك ، وابن موهب على أن الأيم أحق بنفسها من وليها ، ولا أمر لوليها معها في نفسها ، ودخل في ذلك أبوها ومن سواه من أوليائها .
وكان ما في حديث قد حقق دخول أبيها فيه ، وكان في ذلك ما قد دل على أن أمر البكر كذلك وأن أباها ممن أمر أن لا يزوجها حتى يستأذنها ، كما أمر في الثيب أن لا يزوجها حتى تستأمر . صالح بن كيسان
وفي ذلك ما قد دل أن أبا البكر إذا زوجها قبل استئذانها تاركا لما قد أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فإن ذلك التزويج غير جائز عليها حتى يكون منها رضاها به ، كما يقول ذلك من يقوله من ، أبي حنيفة وسفيان وأصحابهما ، وكذلك وجدنا هذا المعنى في غير حديث . ابن عباس
5738 - كما حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، حدثنا ، عن حجاج بن محمد قال : سمعت ابن جريج يقول : قال ابن أبي مليكة ذكوان مولى عائشة : سمعت رضي الله عنها تقول : عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها : أتستأمر أم لا ؟ قال : نعم تستأمر ، قلت : إنها تستحيي فتسكت ، قال : فذلك إذنها إذا هي سكتت [ ص: 437 ] .
5739 - وكما حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عاصم ، ثم ذكر بإسناده مثله . ابن جريج
ففي هذا الحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باستئذان البكر كما فيه أمره باستئمار الثيب ، فلما كان الأب قد أمر أن يستأمر الثيب كما يستأمرها غيره من أوليائها ، كان كذلك هو في البكر فيما أمر باستئذانها فيه كمن سواه من أوليائها .
5740 - وكما حدثنا ، حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، حدثنا أبو داود ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، [ ص: 438 ] عن أبي سلمة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي هريرة لا تنكح الثيب حتى تستأمر ، ولا البكر حتى تستأذن ، قالوا : وكيف إذنها يا رسول الله ؟ قال : الصمت .
5741 - وكما حدثنا ، حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي . الوليد بن مسلم
5742 - وكما حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، ، قالا : حدثنا والربيع المرادي ، قالا : أخبرنا بشر بن بكر ، حدثني الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله [ ص: 439 ] . أبي هريرة
5743 - وكما حدثنا ، أخبرنا يونس ، حدثني ابن وهب ، عن الليث بن سعد عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين ، عن عدي بن عدي الكندي ، عن أبيه عدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الثيب تعرب عن نفسها ، والبكر رضاها صمتها [ ص: 440 ] .
5744 - وكما حدثنا ، عن بحر بن نصر شعيب بن الليث ، عن ، ثم بإسناده مثله . الليث
5745 - وكما حدثنا ، حدثنا يحيى بن عثمان عمرو بن الربيع بن طارق ، حدثنا ، عن يحيى بن أيوب عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عدي بن عدي ، عن أبيه ، عن العرس - وهو ابن عميرة - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .
وكان في هذه الآثار ما يوجب أن الأب في تزويج ابنته البكر [ ص: 441 ] البالغ كمن سواها من أوليائها ، وأنه لا يجوز له أن يعقد التزويج عليها قبل رضاها بذلك . ولقد روى في هذا المعنى . جرير بن حازم
5746 - ما قد حدثنا ، أبو أمية ، قالا : حدثنا ومحمد بن علي بن داود ، حدثنا الحسين بن محمد المروزي ، عن جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن عكرمة : ابن عباس أن رجلا زوج ابنته وهي بكر ، وهي كارهة ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها .
[ ص: 442 ] [ ص: 443 ] [ ص: 444 ] فكان في هذا الحديث ما قد دل على أن أبا البكر ليس له العقد على بضعها بغير رضاها بذلك .
فقال قائل : فإن سفيان قد روى هذا الحديث عن أيوب فخالف جريرا فيه .
5747 - وذكر ما قد حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب ، حدثنا ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن أيوب السختياني : عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأته زوجها أبوها وهي كارهة ، وكانت ثيبا .
[ ص: 445 ] ففي ذلك ما يجب فيه فساد هذا الحديث في إسناده ومتنه ، أما في إسناده فانقطاعه وتقصيره عن ، وأما في متنه ، فذكره أنها كانت ثيبا ، وفي حديث ابن عباس جرير أنها كانت بكرا .
فكان جوابنا له في ذلك : أن الأولى بنا إذا وجدنا الروايات ما يوجب تصحيحها ، وما يوجب تضادها أن تحمل على تصحيحها لا على تضادها ، وكان حديث جرير على أنه بكر ، وحديث سفيان على أنه ثيب ، فقد يحتمل أن يكون هذا في معنى ، وهذا في معنى حتى لا يتضادا ولا يتنافيا ، وكان بعض من يذهب في تزويج الأب البكر المذهب الذي ذكرناه في هذا الباب يحتج لقوله فيه أيضا .
5748 - بما قد حدثنا أحمد ابن أبي عمران ، ، وإبراهيم بن أبي داود ، قالوا : أخبرنا وعلي بن عبد الرحمن ، أخبرنا أبو صالح الحكم بن موسى ، عن شعيب بن إسحاق الدمشقي ، عن الأوزاعي ، عن عطاء : جابر بن عبد الله أن رجلا زوج ابنته وهي بكر بغير أمرها ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، ففرق بينهما .
[ ص: 446 ] ولم يكن هذا الحديث مما يجوز أن يحتج به إذ كان أصله .
5749 - كما حدثنا ، حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن الأوزاعي إبراهيم بن مرة ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، ففسد هذا الحديث بدخول عطاء بن أبي رباح إبراهيم بن مرة فيه بين ، الأوزاعي وعطاء ، وحقق أيضا اتفاقه على عطاء لا يتجاوز به إلى جابر .
وإذا كان الأمر كما ذكرنا في الآثار ، وجدنا النظر ما يوجب ما ذكرنا [ ص: 447 ] أيضا من ارتفاع أمر أبي بكر عن البكر في العقد على بضعها بغير أمرها أنه لما كان ليس له أن يعقد عليها في مالها بعد بلوغها كما كان ذلك قبل بلوغها كان في العقد على بضعها ليس له ذلك أيضا بعد بلوغها ، فكان حكمه فيه بعد بلوغها بخلاف حكمه فيه كان قبل بلوغها .
وقد وجدنا كتاب الله تعالى قد دلنا على ذلك بقول الله فيه : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ، فكان لها بهذه الآية أن تطيب نفسها لزوجها بما شاءت من صداقها ، ولم يكن لأبيها الاعتراض عليها في ذلك ، فدل ذلك : أنه ليس لأبيها الاعتراض أيضا عليها في بضعها في عقده التزويج بغير إذنها ، وفي كتاب الله عز وجل أيضا ما قد دل على ذلك وهو قوله : ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ، ثم قال : فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ، وإذا كن في وصاياهن في أموالهن كالرجال في وصاياهم في أموالهم ، كن كالرجال في وصاياهم وفي أموالهم وفي جواز ذلك منهن وارتفاع الأيدي عنهن فيه ما قد دل على ارتفاعها عنهن في أبضاعهن .
فقال قائل : فقد رويتم عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في البكر وفي الثيب ما قد رويتم في هذا الباب مما فيه : أن الأيم أحق بنفسها من وليها وفي ذلك ما ينفي أن يكون لوليها معها حق في بضعها ، وذكرتم ذلك بما رويتموه في حديث ابن عباس معمر ، عن : أن [ ص: 448 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس للأب مع الثيب أمر في بضعها . صالح بن كيسان
وقد روي عن من قوله بعد النبي عليه السلام ما يخالف ذلك ، ابن عباس
وذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، حدثني محمد بن مسلم الطائفي عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ، قال : قلت سعيد بن جبير : لعبد الله بن عباس : لا تنكح المرأة إلا بإذن ولي أو السلطان ، قال : قلت : ليس لها مولى ، أو هلك مولاها ، قال : فالسلطان ، قال : فرجعت ذلك عليه حتى غضب ابن عباس . هل تنكح المرأة بغير إذن وليها ؟ فقال
فكان في هذا ما قد دل أن حديث الذي قد رويتموه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن كان صحيحا ، فقد نسخه ما في هذا الحديث ، لأن ابن عباس لا يخالف ما قد أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما هو أولى منه مما قد أخذه عنه . ابن عباس
فكان جوابنا له في ذلك : أن الأمر في ذلك ليس كما توهمه ، [ ص: 449 ] ولكن ما إلى المرأة مما في حديث نافع بن جبير بن مطعم ، عن على أنه إليها كما تحب أن تكون تفعله فيه ، مما قد جعل إليها أن توليه غيرها من الرجال القوامين عليها حتى يكون من توليه منهم ذلك يعقده عليها بأمرها ممن يرضاه ، فيكون ذلك العقد منه عليها بأمرها عقدا منها إياه على نفسها ، لأن عقود الموكلين في هذا مضافات إلى آمريهم ، كما يقول الرجل : فعلت كذا ، لما فعل بأمره . ابن عباس
فخرج بحمد الله ونعمته أن يكون شيء مما ذكرناه عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما ذكرناه عنه مما قاله بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون فيه تضاد ولا اختلاف ، ويكون حق الولي فيما روي عن ابن عباس فيما قاله بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جعلته المرأة إليه مما جعل لها أن تجعله إليه ، ومما ليس له اعتراض عليها فيه من عقد بغير أمرها . ابن عباس