[ ص: 363 ] 339 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في جهاد ذوي الأبوين العدو أهو أفضل له أو
لزوم أبويه وتركه جهاد العدو ؟
2118 - حدثنا علي بن معبد قالا : حدثنا وأبو أمية ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن كناسة الأسدي ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت عبد الله بن باباه ، عن رضي الله عنهما ، قال عبد الله بن عمرو : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إني أريد الجهاد ، فقال : أحي أبواك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد .
2119 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت أبي العباس ، عن رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . عبد الله بن عمرو
[ ص: 364 ]
2120 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق أبو داود ويعقوب بن إسحاق قالوا : حدثنا ووهب بن جرير ، عن شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت أبي العباس - وكان شاعرا ، وكان مرضيا ، كذا قال وهب في غير هذا الحديث مما حدثناه عنه ، ثم رجعنا إلى حديثه ، عن إبراهيم بن مرزوق أبي داود ويعقوب ووهب ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . عبد الله بن عمرو
2121 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا ، [ ص: 365 ] عن الفريابي ، عن سفيان الثوري ثم ذكر بإسناده مثله . حبيب بن أبي ثابت
قال : والناس مختلفون في أبو جعفر أبي العباس الشاعر صاحب هذا الحديث ، فقوم يقولون : إنه عبد الله بن باباه وقوم يقولون : إنه السائب بن فروخ ، وممن كان يقول : إنه عبد الله بن باباه أحمد بن صالح ، وما في هذه الآثار يدل على ما قال ؛ لأن مسعرا وشعبة رويا حديثه الذي في هذا الباب عن عنه ، وكنياه حبيب بن أبي ثابت بأبي العباس ورواه عن الأعمش حبيب عنه ، وذكر أنه عبد الله بن باباه ، فدل ذلك أنه عبد الله بن باباه ، [ ص: 366 ] فقال قوم : وكيف يكون رجل في سعة من ترك الجهاد مع الإقبال على أبويه وقد قال الله عز وجل : إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ، ولا يكون هذا الوعيد إلا في مفروض وقد وجدنا الحجة المفروضة لا يقطع عنها لزوم الأبوين من وجد السبيل إليها ؟
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن الذي تلاه علينا من الوعيد في الجهاد هو على مفروض كما ذكر ، غير أنه فرض عام يقوم به الخاص ، عن من سواه من أهله كغسل موتانا وكصلاتنا عليهم وكمواراتنا إياهم في قبورهم ، كل ذلك فرض علينا ، ومن قام به منا سقط به الفرض عن بقيتنا ولو تركناه جميعا لكنا من أهل الوعيد الذي تلا علينا
وكان فرض الحج من الفرض العام الذي لا يقوم به بعض الناس عن بعض ، فكان الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي جاءه يسأله عن الجهاد الذي يقوم به غيره عنه أمره إياه بلزوم أبويه الذي لا يقوم به غيره عنه ؛ لأنه إذا فعل ذلك سقط الفرضان جميعا عنه ، لأن أحدهما سقط بفعله إياه عنه وسقط الآخر عنه بفعل غيره إياه من المسلمين عنه ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يسقط به عنه فرضان وترك ما إذا فعله سقط عنه فرض واحد ، وكذلك أمر غيره صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا المعنى .
2122 - كما قد حدثنا عمران بن موسى الطائي ، قال : حدثني [ ص: 367 ] ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب أبيه ، عن ، قال : عبد الله بن عمرو بن العاص أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : جئت أبايعك وتركت أبوي يبكيان . قال : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما .
2123 - وكما حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية علي بن قادم ، قال : حدثنا ، عن مسعر ، عن عطاء بن السائب أبيه ، عن رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد : عبد الله بن عمرو . وأبى أن يبايعه
2124 - وكما حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو سلمة [ ص: 368 ] موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب أبيه ، عن ، قال : عبد الله بن عمرو بن العاص جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أبايعك حتى ترجع إليهما فتضحكهما كما أبكيتهما .
قال : وفي هذا شد لما قد رويناه قبله . أبو جعفر
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ما قد أخبر فيه أن بر الوالدين أفضل من الجهاد .
2125 - وهو ما قد حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا ، عن آدم بن أبي إياس ، عن شعبة الوليد بن العيزار ، قال : سمعت يقول سمعت صاحب هذه الدار يعني أبا عمرو الشيباني يقول : ابن مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : الصلاة لوقتها ، فقلت : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين ، ثم قلت : ثم أي ، قال [ ص: 369 ] الجهاد في سبيل الله عز وجل ، ولو استزدته لزادني .
2126 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد ، قال : حدثنا ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي إسحاق الهمداني أبي الأحوص ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . عبد الله
2127 - وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم أبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي ، قال : حدثني ، قال : أبو عمرو الشيباني
[ ص: 370 ] حدثني صاحب هذه الدار - يعني - قال : عبد الله بن مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة على ميقاتها ، قلت : ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال : بر الوالدين ، قلت ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال : أن يسلم الناس من لسانك ، وسكت ولو استزدته لزادني .
قال : أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قد أخبر أن بر الوالدين أفضل من الجهاد ، فذلك أيضا يؤكد ما قد روينا في الآثار الأول ، ويؤيد ما حملناها عليه على الوجوه التي حملناها عليها ، والله أعلم بمرادات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، غير أنها قد خرجت على موافقة بعضها بعضا ، والله نسأله التوفيق . أبو جعفر