[ ص: 329 ] 269 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصرعة من هو من الرجال .
1642 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان الحسن بن عمر بن شقيق ، قال : حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله بن مسعود
قال : قلنا : الذي لا تصرعه الرجال .
، قال : ليس ذاك ، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب ما تعدون الصرعة فيكم ؟ } .
1643 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، [ ص: 330 ] عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { أبي هريرة ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب } .
1644 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي إسحاق بن يحيى ، قال : حدثنا ، عن الزهري ، أنه أخبره أن حميد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبا هريرة ليس الشديد [ ص: 331 ] بالصرعة } . قالوا : فمن الشديد يا رسول الله ؟ قال : الذي يملك نفسه عند الغضب } .
1645 - حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، عن أبو الأحوص سعيد بن مسروق ، عن ، عن أبي حازم رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة ليس الشديد من غلب الناس ، ولكن الشديد من غلب نفسه } .
قال : ففي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الصرعة المستحق لهذا الاسم هو الذي يملك نفسه عند الغضب ، فيصرعها بذلك عما تدعوه إليه من هواها ، وليس ذلك عندنا والله أعلم إخراج منه ذا القوة على صاحبه حتى يصرعه من أن يكون صرعة ، إذ كان [ ص: 332 ] الذي يملك نفسه فيصرعها عما تريده منه من هواها فوق ذلك ، فاستحق أن يكون هو الصرعة ، وإن كان من سواه ممن ذكرنا صرعة أيضا . أبو جعفر
ومثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان ، واللقمة واللقمتان . قالوا : من المسكين يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يسأل الناس ولا يعرف فيتصدق عليه } .
وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا في موضعه منه إن شاء الله .
ولم يكن قوله : { ليس المسكين بالطواف } ، إخراجا منه من يسأل على المسكنة أن يكون مسكينا ، ولكنه ليس في أعلى مراتب المسكنة ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي روينا ، أن الصرعة الذي لا يصرعه الرجال ليس هو الصرعة ، إذ كان في الصرعين من هو فوقه ، وهو الذي يملك نفسه عند غضبها فيصرعها عن هواها إلى ما هو أولى بها منه ، والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وإياه نسأله التوفيق .