[ ص: 477 ]  783 - باب بيان خلاف ما روى أبو بحرية ، عن عمر  في  طلحة بن عبيد الله  رضي الله عنهما من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليه عاتب . 
 4954  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا  أحمد بن شبيب بن سعيد  ، قال : حدثنا أبي  ، عن  يونس بن يزيد  ، عن  ابن شهاب  ، قال : كان  عبد الملك بن مروان  يحدث عن  أبي بحرية  أن  عمر   - رضي الله عنه - خرج على مجلس فيه عثمان  وعلي  وطلحة  والزبير  وعبد الرحمن بن عوف  رضي الله عنهم ، فقال لهم عمر   : كلكم يحدث نفسه بالإمارة بعدي ، فسكتوا ، فقال لهم عمر   : أكلكم يحدث نفسه بالإمارة بعدي ؟ فقال الزبير   : نعم ، ويراها له أهلا ، قال : أفلا أحدثكم عنكم ؟ فقال الزبير   : حدثنا ، ولو سكتنا لحدثتنا ، قال : أما أنت يا زبير  ، فإنك مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، تكون يوما شيطانا ويوما إنسانا ، أفرأيت يوما تكون شيطانا ، فمن يكون الخليفة يومئذ . 
وأما أنت يا طلحة  ، فوالله لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليك عاتب . 
وأما أنت يا علي  ، فإنك صلب مزاح . 
وأما أنت يا عبد الرحمن  ، فوالله إنك لما آتاك الله - عز وجل - من خير لأهل ، وإن منكم لرجلا لو قسم إيمانه على جند من الأجناد لوسعهم  . 
 [ ص: 478 ] وقد روى الزبيدي  هذا الحديث ، عن  الزهري  ، فأدخل في إسناده بين  الزهري  وبين  عبد الملك بن مروان  عمرو بن الحارث الفهمي   . 
 4955  - كما حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي أبو القاسم  ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء ابن زبريق الزبيدي  ، قال : حدثني عمرو بن الحارث الحميري الحمصي  ، قال : حدثنا عبد الله بن سالم الزبيدي  ، قال : حدثني  محمد بن مسلم  ، عن عمرو بن الحارث الفهمي  ، وكان كاتبا لعبد الله بن الزبير  ، أن  عبد الملك بن مروان  كان يحدث ، عن  أبي بحرية الكندي  أنه أخبره : أن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - خرج على مجلس فيه  عثمان بن عفان  وعلي بن أبي طالب  ، ثم ذكر هذا الحديث ، وزاد في آخره بعد قوله لوسعهم ، يريد  عثمان بن عفان   - رضي الله عنه  . 
 [ ص: 479 ] فكبر في قلوبنا ما حكاه أبو بحرية  ، عن عمر   - رضي الله عنه - في طلحة  لجلالته عندنا ، ولموضعه من الإسلام ولصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي أحسن صحبة ، ولدخوله في الآية التي أنزلها الله على رسوله ، وهي قوله - عز وجل - : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة  ، فكيف يعتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من - رضي الله عنه - هذا عند ذوي العقول من المحال الذي لا يجوز كونه . 
ثم نظرنا في هذا الحديث أيضا فوجدنا أبا بحرية  ، لم يذكر فيه حضور ذلك من عمر   - رضي الله عنه - ولا سماعه إياه منه ، ولو كان ذكر سماعه إياه منه ، لما كان عندنا مقبولا ، إذ كان رجلا مجهولا ليس من أهل العلم المؤتمنين عليه ، المأخوذ عنهم ، فكيف ولم يذكر سماعه إياه منه ؟ 
ثم نظرنا : هل روي عن عمر  في طلحة  رضي الله عنهما ما يخالف ذلك ؟ 
فوجدنا :  محمد بن علي بن داود البغدادي  ، قد حدثنا ، قال : حدثنا  [ ص: 480 ] سعيد بن داود الزنبري  ، قال : حدثنا  مالك بن أنس  أن  ابن شهاب  حدثه أن  سالم بن عبد الله بن عمر  أخبره : أن  عبد الله بن عمر  ، قال : دخل الرهط على  عمر   - رضي الله عنه - قبل أن ينزل به عثمان  وعلي وعبد الرحمن  والزبير  وسعد  رضي الله عنهم ، فقال : إني نظرت لكم في أمر الناس ، فلم أجد عند الناس شقاقا إلا أن يكون فيكم ، فإن كان شقاق فهو فيكم ، وإن الأمر إلى ستة إلى عبد الرحمن  وعثمان  وعلي  وسعد  والزبير  وطلحة  ، وكان طلحة  غائبا في السراة في أموال له ، ثم إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة لعثمان  وعلي  وعبد الرحمن  ، فإن كنت على شيء من أمر الناس يا عبد الرحمن  ، فلا تحملن بني أبيك على رقاب الناس ، وإن كنت يا عثمان  على شيء من أمور الناس ، فلا تحملن بني أبي معيط  على رقاب الناس ، وإن كنت يا علي  على شيء من أمور الناس ، فلا تحملن بني هاشم  على رقاب الناس   . 
وحدثنا محمد بن الحارث بن صالح المخزومي المدني  ، قال : حدثنا  عبد العزيز بن عبد الله الأويسي  ، قال : حدثنا  إبراهيم بن سعد  ، عن  ابن شهاب  ، قال : أخبرني  سالم بن عبد الله   : أن  عبد الله بن عمر  ، ثم ذكر مثله سواء . 
 [ ص: 481 ] وكان في هذا الحديث ، ذكر عمر   - رضي الله عنه - في النفر الذين جعل الخلافة إليهم طلحة  ، وكان محالا أن يجعلها إلى رجل قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاتب عليه . 
وكان هذا الذي وجدناه ، عن  عبد الله بن عمر  في ذلك ، وعبد الله بن عمر  هو العدل في روايته ، الثبت فيها ، المأمون عليها ، لا كأبي بحرية  ، الذي هو في هذه الأشياء بضد ذلك . 
وكان ممن روى عن عمر  أيضا في طلحة  رضي الله عنهما ما يخالف ما روى أبو بحرية  عنه أسلم مولى عمر   . 
 4956  - ما قد حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا شجاع بن أشرس  ، قال : حدثنا  عبد العزيز بن أبي سلمة  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن  أبيه  ، قال : خطب  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - فقال : إني رأيت فيما يرى  [ ص: 482 ] النائم ديكا أحمر ، نقرني في معقد إزاري ثلاث نقرات ، وإني استعبرت  أسماء ابنة عميس  ، فقالت : يقتلك رجل من العجم ، وإني قد حسبت أن يكون موتي فجأة ، وإني أشهدكم أني إن أهلك ولم أعهد ، فإن الأمر إلى هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : عثمان  وعلي  وطلحة  والزبير  وسعد  وعبد الرحمن بن عوف    . 
ومنهم : عمرو بن ميمون الأودي   . 
 4957  - كما حدثنا أحمد بن داود بن موسى  ، قال : حدثنا  سهل بن بكار  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  حصين بن عبد الرحمن  ، عن  عمرو بن ميمون   : أن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - لما طعن ، قال : وكنت حاضرا لذلك ، قيل له : استخلف ، فقال : ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى عليا  وعثمان  وطلحة  والزبير  وعبد الرحمن بن عوف  وسعدا  ، رضي الله عنهم   . 
 [ ص: 483 ] ومنهم : معدان بن أبي طلحة اليعمري   . 
 4958  - حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  عبد الوهاب بن عطاء  ، قال : أخبرنا  سعيد بن أبي عروبة  ، عن  قتادة  ، عن  سالم بن أبي الجعد  ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري   : أن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - قام فحمد الله ، وأثنى عليه ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر   - رضي الله عنه - ثم قال : أيها الناس إني رأيت في المنام كأن ديكا أحمر نقرني نقرة أو نقرتين ، شك سعيد ، وما أرى ذلك إلا بحضور أجلي ، وإن ناسا يأمروني أن أستخلف ، وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته ولا الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم ، فإن عجل بي أمر ، فإن الشورى في هؤلاء الستة الرهط ، الذين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أيهم بايعتم فاسمعوا له وأطيعوا ، علي  وعثمان  وطلحة  والزبير  وعبد الرحمن بن عوف  وسعد بن مالك أبي وقاص  ، وقد أعرف أن ناسا سيطعنون في هذا الأمر ، وإني قاتلتهم بيدي هذه على الإسلام ، فإن فعلوا فأولئك أعداء الله الكفرة الضلال   . 
 [ ص: 484 ] 
 4959  - وكما حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا معاذ بن فضالة  ، قال : حدثني  هشام بن أبي عبد الله  ، عن  قتادة  ، عن  سالم بن أبي الجعد  ، عن معدان بن أبي طلحة  ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه لم يسم الستة الرهط في حديثه ، ولكنه قال فيه : فإن عجل بي أمر ، فالخلافة في هؤلاء الستة الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض   . 
فهذا أسلم مولى عمر  ، وعمرو بن ميمون الأودي  ، ومعدان بن أبي طلحة اليعمري  ، وهم أئمة في العلم ، عدول فيه ، مأمونون عليه ، مقبولة روايتهم إياه ، يروون عن عمر   - رضي الله عنه - خلاف ما روى أبو بحرية  عنه ، ويحكون ذلك سماعا من عمر  مع مشاهدة منهم له ، فكيف يجوز لذي عقل أو لذي دين أن يتعلق برواية مثل أبي بحرية  الذي لا يعرف ، ولا يعد من أهل العلم ، ولا يعرف له لقاء لعمر  أن يقبل ما روى عن عمر  مما قد خالفه فيه من قد ذكرنا ؟ وهو ممن لو روى  [ ص: 485 ] مثل هذا في من دون طلحة  ، وهذه أحواله لم تقبل روايته ولم يلتفت إليها ، فكيف في طلحة   - رضي الله عنه - مع جلالة قدره وعلو مرتبته وموضعه من دين الله ، وقيام الحجة له بموضعه من رسول الله وشهادة الأئمة العدول الذين ذكرناهم على عمر  فيه بما قد ذكرناه من استحقاقه للخلافة ، وأنه لها موضع ومن موت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرضا عنه ، والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
