291 - ولم يكن جبارا عصيا ، وبعده : قوله : ولم يجعلني جبارا شقيا ؛ لأن الأول في حق يحيى ، وجاء في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : آدم إلا أذنب ، أو هم بذنب ، إلا يحيى بن زكريا - عليهما السلام – ، فنفى عنه العصيان . والثاني [ ص: 172 ] في ما من أحد من بني عيسى - عليه السلام - فنفى عنه الشقاوة ، وأثبت له السعادة ، والأنبياء عندنا معصومون عن الكبائر ، غير معصومين عن الصغائر .
292 - قوله : وسلام عليه يوم ولد ، في قصة يحيى : والسلام علي في قصة عيسى . فنكر في الأول ، وعرف في الثاني ؛ لأن الأول من الله تعالى ، والقليل منه كثير ، كما قال الشاعر :
قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل
ولهذا قرأ : اهدنا صراطا مستقيما ، أي : نحن راضون منك بالقليل ، ومثل هذا في الشعر كثير ، قال : الحسن
وإني لراض منك يا هند بالذي لو ابصره الواشي لقرت بلابله
بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
والثاني : من عيسى - عليه السلام - ، والألف واللام لاستغراق الجنس ، ولو أدخل عليه التسعة والعشرين ، والفروع المستحسنة والمستقبحة ؛ لم تبلغ عشر معشار سلام الله عليه .
ويجوز أن يكون ذلك وحيا من الله - عز وجل - ، فيقرب من سلام يحيى .
وقيل : إنما دخل الألف واللام لأن النكرة إذا تكررت تعرفت .
وقيل : نكرة الجنس ومعرفته سواء ، تقول : لا أشرب ماء ، ولا أشرب الماء ، فهما سواء .
[ ص: 173 ] 293 - فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا ، وفي حم ( الزخرف ) : قوله : فويل للذين ظلموا ؛ لأن الكفر أبلغ من الظلم ، وقصة عيسى في هذه السورة مشروحة ، وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله تعالى حين قال : ما كان لله أن يتخذ من ولد . فذكر بلفظ الكفر . وقصته في الزخرف مجملة ، فوصفهم بلفظ دونه ، وهو : الظلم .
294 - وعمل صالحا ، وفي الفرقان : قوله : وعمل عملا صالحا ؛ لأن هذه السورة أوجز في ذكر المعاصي ، فأوجز في التوبة ، وأطال هناك فأطال .