336 - قوله تعالى على رأس العشر : ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم محذوف الجواب ، تقديره : لفضحكم ، وهو متصل ببيان حكم الزانيين ، وحكم القاذف ، وحكم اللعان ، وجواب لولا محذوفا أحسن منه ملفوظا به ، وهو المكان الذي يكون الإنسان فيه أفصح ما يكون إذا سكت .
337 - وقوله على رأس العشرين : ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم فحذف الجواب أيضا . تقديره : لعجل لكم العذاب . وهو متضمن بقصتها - رضي الله عنها ، وعن أبيها - . وقيل : دل عليه قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم ، وقيل : دل عليه قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا .
وفي خلال هذه الآيات : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ، لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ، ولولا إذ سمعتموه قلتم ، وليس هو الدال على امتناع الشيء لوجود غيره ، بل هو للتحضيض .
قال الشاعر :
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا
[ ص: 187 ] وهو [ في ] البيت للتحضيض ، والتحضيض يختص بالفعل ، والفعل في البيت مقدر ، تقديره : هلا تعدون الكمي ، أو : هلا تعقرون الكمي ، ويختص الثاني بالفعل ، والأول يختص بالاسم ، ويدخل المبتدأ ، ويلزم خبره الحذف .
338 - قوله : إن الله خبير بما يصنعون متصل بآيات الغض ، وليس له نظير .
339 - ولقد أنزلنا إليكم آيات ، وبعده : قوله : لقد أنزلنا آيات ؛ لأن اتصال الأول بما قبله أشد ، فإن قوله : وموعظة للمتقين محمول ومصروف إلى قوله : وليستعفف ، وإلى قوله : فكاتبوهم ، ولا تكرهوا فاقتضى الواو ، ليعلم أنه عطف على الأول ، واقتضى بيانه بقوله : " إليكم " ليعلم أن المخاطبين بالآية الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى . وأما الثانية فاستئناف كلام . فخص بالحذف .
340 - وعد الله الذين آمنوا منكم إنما زاد " منكم " لأنهم المهاجرون ، وقيل : عام ، و " من " للتبيين . قوله :
341 - قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ختم الآية بقوله : كذلك يبين الله لكم آياته ، وقبلها وبعدها الآيات " 58 " ، " 61 " ؛ لأن الذي قبلها والذي بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها ، وهي في الأولى : ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ، وفي الأخرى : من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم الآية . فعد فيها آيات كلها معلومة ، فختم الآيتين [ ص: 188 ] بقوله : " لكم الآيات " ، ومثلها : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات يعني حد الزانيين وحد القاذف ، فختم بالآيات .
وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها ، بل تفرد سبحانه بعلم ذلك ، فخصها بالإضافة إلى نفسه ، وختم كل آية بما اقتضى أولها .