سورة العنكبوت
374 - ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ، وفي لقمان : قوله تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه حملته ، وفي الأحقاف : بوالديه إحسانا . الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت في وأنها في سورة لقمان اعتراض بين كلام سعد بن مالك ، وهو سعد بن أبي وقاص ، لقمان لابنه ، ولم يذكر في لقمان " حسنا " ؛ لأن قوله بعده : أن اشكر لي ولوالديك قام [ ص: 198 ] مقامه ، ولم يذكر في هذه السورة " حملته " ، ولا وضعته ؛ موافقة لما قبله من الاختصار ، وهو قوله : والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ، فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام ، وأحسن نظام ، ثم قال : ووصينا الإنسان أي ألزمناه حسنا في حقهما ، وقياما بأمرهما ؛ وإعراضا عنهما وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله .
وذكر في لقمان والأحقاف حالة حملهما ووضعهما .
375 - وإن جاهداك لتشرك بي ، وفي لقمان : قوله : على أن تشرك ؛ لأن ما في هذه السورة وافق ما قبله لفظا ، وهو قوله : ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ، وفي لقمان محمول على المعنى ؛ لأن التقدير : وإن حملاك على أن تشرك .
376 - يعذب من يشاء ويرحم من يشاء بتقديم العذاب على الرحمة في هذه السورة فحسب ، لأن قوله : إبراهيم خاطب به نمروذ وأصحابه ، وأن العذاب وقع بهم في الدنيا .
377 - وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ، وفي الشورى : قوله : وما أنتم بمعجزين في الأرض ؛ لأنه في هذه السورة خطاب لنمروذ حين صعد الجو موهما أنه يحاول السماء ، فقال إبراهيم له ولقومه : وما أنتم بمعجزين في الأرض ، أي : من في الأرض من الجن والإنس ، ولا من في السماء من الملائكة ، فكيف تعجزون الله ؟
وقيل : ما أنتم بفائتين عليه ولو هربتم في الأرض أو صعدتم في [ ص: 199 ] السماء فقال : وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها .
وما في الشورى خطاب للمؤمنين ، وقوله : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم يدل عليه . وقد جاء : وما هم بمعجزين في قوله : والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا من غير ذكر الأرض ولا السماء .
378 - فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ، وقال بعده : قوله : خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين ، فجمع الأولى ووحد الثانية ؛ لأن الأولى إشارة إلى إثبات النبوة ، وفي النبيين - صلوات الله عليهم - كثرة . والثاني إشارة إلى التوحيد ، وهو سبحانه واحد لا شريك له .
379 - قوله : أإنكم جمع بين استفهامين ، قد سبق في الأعراف .
380 - ولما أن جاءت رسلنا لوطا ، وفي هود : قوله : ولما جاءت بغير " أن " ؛ لأن " لما " يقتضي جوابا ، وإذا اتصل به " أن " دل على أن الجواب وقع في الحال من غير تراخ كما في هذه السورة ، وهو قوله : سيء بهم وضاق بهم ذرعا ، ومثله في يوسف : فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا .
وفي هود اتصل به كلام بعد كلام إلى قوله : قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك . فلما طال لم يحسن دخول " أن " .
[ ص: 200 ] 381 - قوله : وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال هو عطف على قوله : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث .
382 - قوله : قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا أخره في هذه السورة لما وصف ، وقد سبق .
383 - الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ، وفي القصص : قوله : يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ، وفي الرعد " 26 " ، وفي الشورى : لمن يشاء ويقدر ؛ لأن ما في هذه السورة اتصل بقوله : وكأين من دابة لا تحمل رزقها الآية ، وفيها عموم ، فصار تقدير الآية : يبسط الرزق لمن يشاء من عباده أحيانا ، ويقدر له أحيانا ؛ لأن الضمير يعود إلى " من " . وقيل : يقدر له : البسط من التقدير .
وفي القصص تقديره : يبسط الرزق لمن يشاء ، ويقدر لمن يشاء ، وكل واحد منهما غير الآخر ، بخلاف الأولى .
وفي السورتين يحتمل الوجهين ، فأطلق .
384 - من بعد موتها ، وفي البقرة والجاثية والروم : " بعد موتها " ؛ لأن في هذه السورة وافق ما قبله وهو : قوله : من قبله فإنهما يتوافقان . وفيه شيء آخر ، وهو : أن ما في هذه السورة سؤال وتقرير ، والتقرير يحتاج إلى التحقيق فوق غيره ، فقيد الظرف بمن ، فجمع بين طرفيه كما سبق .
385 - نعم أجر العاملين بغير واو ؛ لاتصاله بالأول أشد اتصال ، وتقديره : ذلك نعم أجر العاملين . قوله :