[ ص: 206 ] سورة الأحزاب
ذهب بعض القراء إلى أنه ، وبعضهم أورد فيها كلمات ، وليس في ذلك كثير تشابه ، بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة ، وعلى الصبي القليل التجارب ، فأوردتها إذ لم تخل من فائدة ، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ في تلاوته . ليس في هذه السورة ما يذكر في المتشابه
401 - منها قوله : ليسأل الصادقين عن صدقهم ، وبعده : ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ليس فيها تشابه ؛ لأن الأول من لفظ السؤال ، وصلته : عن صدقهم ، وبعده : وأعد للكافرين . والثاني من لفظ الجزاء ، وفاعله : " الله " ، وصلته : بصدقهم بالباء ، وبعده : ويعذب المنافقين .
402 - ومنها قوله : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ، وبعده : اذكروا الله ذكرا كثيرا ، فيقال للمبتدئ : إن الذي يأتي بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين ، وما يأتي قبل قوله : هو الذي يصلي عليكم : اذكروا الله ذكرا كثيرا ، شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في صلاته وصلاة ملائكته عليه ، حيث يقول : إن الله وملائكته يصلون على النبي .
403 - ومنها قوله : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن ، و يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ، ليس من المتشابه ؛ لأن الأول في التخيير ، والثاني في الحجاب .
[ ص: 207 ] 404 - ومنها قوله : " سنة الله في الذين خلوا من قبل " في موضعين ، وفي الفتح : سنة الله التي قد خلت . التقدير في الآيات : سنة الله التي قد خلت في الذين خلوا ، فذكر في كل سورة الطرف الذي هو أعم ، واكتفى به عن الطرف الآخر ، والمراد بما في أول هذه السورة : النكاح . نزلت حين عيروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنكاحه ، فأنزل الله : زينب سنة الله في الذين خلوا من قبل ، أي : النكاح سنة في النبيين على العموم . وكانت لداود تسع وتسعون ، فضم إليهم المرأة التي خطبها أوريا ، وولدت سليمان ، والمراد بما في آخر هذه السورة القتل . نزلت في المنافقين والشاكين الذين في قلوبهم مرض ، والمرجفين فيالمدينة على العموم .
وما في سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه ، والعموم في النصرة أبلغ منه في النكاح والقتل .
ومثله في " حم " ( غافر ) : سنت الله التي قد خلت في عباده ، فإن المراد بها : عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس ، فلهذا قال : قد خلت .
405 - ومنها قوله : إن الله كان لطيفا خبيرا ، و وكان الله على كل شيء رقيبا ، و وكان الله قويا عزيزا ، و وكان الله عليما حليما ، وهذا من باب الإعراب ، وإنما نصب لدخول " كان " على الجملة ، فتفردت السورة به ، وحسن دخول " كان " عليها ؛ مراعاة لفواصل الآي ، والله أعلم .