[ ص: 216 ] سورة ص
433 - وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون بالواو ، وفي ق : قوله تعالى : فقال بالفاء ؛ لأن اتصاله بما قبله في هذه السورة معنوي ، وهو أنهم عجبوا من مجيء المنذر ، وقالوا : هذا المنذر ساحر كذاب . واتصاله في ق معنوي ولفظي ، وهو أنهم عجبوا فقالوا : هذا شيء عجيب فراعى المطابقة والعجز والصدر ، وختم بما بدأ به ، وهو النهاية في البلاغة .
434 - أأنزل عليه الذكر من بيننا ، وفي القمر : قوله : أألقي الذكر عليه من بيننا ؛ لأن ما في هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ عليهم : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ، فقالوا : أأنزل عليه الذكر من بيننا ، ومثله : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، و تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ، وهو كثير .
وما في القمر حكاية عن قوم صالح ، وكان يأتي الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة ، وألواح مسطورة ، كما جاء إبراهيم وموسى ، فلهذا قالوا : أألقي الذكر عليه ، مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال .
435 - ومثلهم معهم رحمة منا ، وفي الأنبياء : قوله : رحمة من عندنا ؛ لأن الله سبحانه ميز أيوب بحسن صبره على بلائه بين أنبيائه ، فحيث قال لهم : من عندنا . قال له : " منا " ، وحيث لم يقل لهم : من عندنا قال له : من عندنا ، فخصت هذه السورة بقوله : " منا " لما تقدم في حقهم " من عندنا " [ ص: 217 ] في مواضع ، وخصت سورة الأنبياء بقوله : من عندنا لتفرده بذلك .
436 - كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ، وفي ق : قوله : كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود إلى قوله : فحق وعيد .
قال الخطيب : سورة " ص " بنيت فواصلها على ردف أواخرها بالباء والواو ، فقال في هذه السورة : " الأوتاد " ، و " الأحزاب " ، " عقاب " ، وجاء بإزاء ذلك في " ق " : " ثمود " ، و وعيد ، ومثله في الصافات : قاصرات الطرف عين ، وفي ص : قاصرات الطرف أتراب . فالقصد للتوفيق بالألفاظ مع وضوح المعاني .
437 - قوله في قصة آدم - عليه السلام - : إني خالق بشرا من طين قد سبق .