[ ص: 69 ] 138
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائة
ذكر جمهور بن مرار العجلي خلع
وفيها خلع جمهور بن مرار المنصور بالري .
وكان سبب ذلك أن جمهورا لما هزم سنباذ حوى ما في عسكره ، وكان فيه خزائن أبي مسلم ، فلم يوجهها إلى المنصور ، فخاف فخلع ، ووجه إليه المنصور محمد بن الأشعث في جيش عظيم نحو الري ، ففارقها جمهور نحو أصبهان ، ( ودخل محمد الري ، وملك جمهور أصبهان ) ، فأرسل إليه محمد عسكرا ( وبقي في الري ، فأشار على جمهور بعض أصحابه أن يسير في نخبة عسكره ) نحو محمد فإنه في قلة ، فإن ظفر لم يكن لمن بعده بقية ، فسار إليه مجدا .
وبلغ خبره محمدا ، فحذر واحتاط ، وأتاه عسكر من خراسان فقوي بهم ، فالتقوا بقصر الفيروزان بين الري وأصبهان فاقتتلوا قتالا عظيما ، ومع جمهور نخبة فرسان العجم ، فهزم جمهور وقتل من أصحابه خلق كثير ، وهرب جمهور فلحق بأذربيجان ، ثم إنه بعد ذلك قتل بإسباذروا ، قتله أصحابه ، وحملوا رأسه إلى المنصور .
ذكر ملبد الخارجي قتل
قد ذكرنا خروجه في السنة قبلها ، وتحصن حميد منه ، ولما بلغ المنصور ظفر [ ص: 70 ] ملبد ، وتحصن حميد منه ، وجه إليه عبد العزيز بن عبد الرحمن أخا عبد الجبار ، وضم زياد بن مشكان ، فأكمن له ملبد مائة فارس ، فلما لقيه عبد العزيز خرج عليه الكمين فهزموه وقتلوا عامة أصحابه .
فوجه [ المنصور ] إليه خازم بن خزيمة في نحو ثمانية آلاف من المروروذية ، فسار خازم حتى نزل الموصل ، وبعث إلى ملبد بعض أصحابه ، وعبر ملبد دجلة من بلد وسار نحو خازم .
وسار إليه خازم وعلى مقدمته وطلائعه نضلة بن نعيم بن خازم بن عبد الله النهشلي ، وعلى ميمنته زهير بن محمد العامري ، وعلى ميسرته أبو حماد الأبرص ، وخازم في القلب .
فلم يزل يساير ملبدا وأصحابه إلى الليل وتواقفوا ليلتهم ، فلما كان الغد سار ملبد نحو كورة حزة ، وخازم وأصحابه يسايرونهم حتى غشيهم الليل ، وأصبحوا من الغد فسار ملبد كأنه يريد الهرب ، فخرج خازم في أثره وتركوا خندقهم ، وكان خازم قد خندق على أصحابه بالحسك ، فلما خرجوا منه حمل عليهم ملبد وأصحابه .
فلما رأى ذلك خازم ألقى الحسك بين يديه ويدي أصحابه ، فحملوا على ميمنة خازم فطووها ، ثم حملوا على الميسرة وطووها ، ثم انتهوا إلى القلب وفيه خازم ، فنادى خازم في أصحابه : الأرض الأرض ! فنزلوا ، ونزل ملبد وأصحابه وعقروا عامة دوابهم ، ثم اضطربوا بالسيوف حتى تقطعت .
وأمر خازم نضلة بن نعيم أن إذا سطع الغبار ولم يبصر بعضنا بعضا فارجع إلى خيلك وخيل أصحابك فاركبوها ثم ارموهم بنشاب ، ففعل ذلك ، وتراجع أصحاب خازم من الميمنة إلى الميسرة ، ثم رشقوا ملبدا ، وأصحابه بالنشاب ، فقتل ملبد في ثمانمائة رجل ممن ترجل ، وقتل منهم قبل أن يترجلوا زهاء ثلاثمائة وهرب الباقون ، وتبعهم نضلة فقتل منهم مائة وخمسين رجلا .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قسطنطين ملك الروم إلى بلد الإسلام ، فدخل خرج ملطية عنوة [ ص: 71 ] وقهرا وغلب أهلها وهدم سورها ، وعفا عمن فيها من المقاتلة والذرية
وفيها العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الصائفة مع غزا صالح بن علي ، ، وقيل : كانت سنة تسع وثلاثين ، فبنى وعيسى بن علي صالح ما كان ملك الروم أخربه من سور ملطية .
وفيها بايع عبد الله بن علي للمنصور وهو مقيم بالبصرة مع أخيه . وفيها وسع سليمان بن علي المنصور المسجد الحرام .
وحج بالناس هذه السنة الفضل بن صالح بن علي . وكان على المدينة ومكة والطائف : زياد بن عبد الله الحارثي ، وعلى الكوفة وسوادها : ، وعلى عيسى بن موسى البصرة ، وعلى قضائها : سليمان بن علي ، وعلى سوار بن عبد الله خراسان : أبو داود ، وعلى مصر : صالح بن علي .
[ الوفيات ]
وفيها توفي المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي . [ ص: 72 ] وسعيد بن جمهان أبو حفص الأسلمي ، يروي عن حديث " سفينة " . الخلافة ثلاثون
، وقيل : توفي سنة تسع وثلاثين ومائة . ويونس بن عبيد البصري