[ ص: 489 ]   283 
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائتين 
ذكر الظفر  بهارون الخارجي   
في هذه السنة سار  المعتضد  إلى الموصل  بسبب  هارون الشاري  وظفر به . 
وسبب الظفر به أنه وصل إلى تكريت  ، وأقام بها ، وأحضر  الحسين بن حمدان التغلبي  ، وسيره في طلب  هارون بن عبد الله الخارجي  في جماعة من الفرسان ، والرجالة ، فقال له  الحسين     : إن أنا جئت به فلي ثلاث حوائج عند أمير المؤمنين ; قال : اذكرها ! قال إحداهن إطلاق أبي ، وحاجتان أذكرهما بعد مجيئي به . فقال له  المعتضد     : لك ذلك . فانتخب ثلاثمائة فارس ، وسار بهم ، ومعهم  وصيف بن موشكير  ، فقال له  الحسين     : تأمره بطاعتي ، يا أمير المؤمنين . فأمره بذلك . 
وسار بهم  الحسين  حتى انتهى إلى مخاضة في دجلة  ، فقال  الحسين  لوصيف  ولمن معه : ليقفوا هناك ، فإنه ليس له طريق إن هرب غير هذا ، فلا تبرحن من هذا الموضع حتى يمر بكم فتمنعوه عن العبور ، وأجيء أنا ، أو يبلغكم أني قتلت . 
ومضى  حسين  في طلب  هارون  ، ( فلقيه ، وواقعه ، وقتل بينهما قتلى ، وانهزم  هارون  ، وأقام  وصيف  على المخاضة ثلاثة أيام ، فقال له أصحابه : قد طال مقامنا ، ولسنا نأمن أن يأخذ  حسين  الشاري  ، فيكون له الفتح دوننا ، والصواب أن نمضي في آثارهم . فأطاعهم ومضى . 
وجاء  هارون  منهزما إلى موضع المخاضة فعبر ، وجاء  حسين  في أثره فلم ير  وصيفا  وأصحابه في الموضع الذي تركهم فيه ، ولا عرف لهم خبرا فعبر في أثر  هارون  ، وجاء   [ ص: 490 ] إلى حي من أحياء العرب ، فسأل عنه ، فكتموه فتهددهم ، فأعلموه أنه اجتاز بهم ، فتبعه حتى لحقه بعد أيام ،  وهارون  في نحو مائة رجل ، فناشده  الشاري  ووعده ،  وأبى حسين  إلا محاربته ، فحاربه فألقى  الحسين  نفسه عليه ، فأخذه أسيرا وجاء به إلى  المعتضد  ، فانصرف  المعتضد  إلى بغداد  ، ( فوصلها لثمان بقين من ربيع الأول ) . 
وخلع  المعتضد  على  الحسين بن حمدان  ، وطوقه ، وخلع على إخوته ، وأدخل  هارون  على الفيل ، وأمر  المعتضد  بحل قيود  حمدان بن حمدون  والتوسعة عليه ، والإحسان إليه ، ووعد بإطلاقه . 
ولما أركبوا  هارون  على الفيل أرادوا أن يلبسوه ديباجا مشهرا ، فامتنع ، وقال : هذا لا يحل ; فألبسوه كارها ، ولما صلب نادى بأعلى صوته : لا حكم إلا لله ، ولو كره المشركون ، وكان  هارون  صفريا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					