[ ص: 302 ] 361
ثم دخلت سنة إحدى وستين وثلاثمائة
ذكر الروم بالجزيرة ما فعله
في هذه السنة ، في المحرم ، أغار ملك الروم على الرها ونواحيها ، وسار في ديار الجزيرة حتى بلغوا نصيبين ، فغنموا ، وسبوا وأحرقوا وخربوا البلاد ، وفعلوا مثل ذلك بديار بكر ، ولم يكن من أبي تغلب بن حمدان في ذلك حركة ، ولا سعي في دفعه ، لكنه حمل إليه مالا كفه ( به عن نفسه ) .
فسار جماعة من أهل تلك البلاد إلى بغداذ مستنفرين ، وقاموا في الجوامع والمشاهد ، واستنفروا المسلمين ، وذكروا ما فعله الروم من النهب ، والقتل والأسر ، والسبي ، فاستعظمه الناس ، وخوفهم أهل الجزيرة من انفتاح الطريق وطمع الروم ، وأنهم لا مانع لهم عندهم ، فاجتمع معهم أهل بغداذ ، وقصدوا دار ، وأرادوا الهجوم عليه ، فمنعوا من ذلك ، وأغلقت الأبواب ، فأسمعوا ما يقبح ذكره . الخليفة الطائع لله
وكان بختيار حينئذ يتصيد الكوفة ، فخرج إليه ( وجوه ) أهل بغداذ مستغيثين ، منكرين عليه اشتغاله بالصيد ، وقتال وهو مسلم ، وترك جهاد عمران بن شاهين الروم ، ومنعهم عن بلاد الإسلام حتى توغلوها ، فوعدهم التجهز للغزاة وأرسل إلى سبكتكين يأمره بالتجهز للغزو وأن يستنفر العامة ، ففعل سبكتكين ذلك ، فاجتمع من العامة عدد كثير لا يحصون كثرة ، وكتب بختيار إلى أبي تغلب بن حمدان ، صاحب الموصل ، يأمره بإعداد الميرة والعلوفات ، ويعرفه عزمه على الغزاة ، فأجابه [ ص: 303 ] بإظهار الفرح ، وإعداد ما طلب منه .