[ ص: 138 ] قصة شعيب  ، عليه السلام 
 قيل : إن اسم شعيب يثرون بن صيفون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم  ، وقيل : هو شعيب بن ميكيل  من ولد مدين  ، وقيل : لم يكن شعيب  من ولد إبراهيم  ، وإنما هو ولد بعض من آمن بإبراهيم  وهاجر معه إلى الشام  ، ولكنه ابن بنت لوط  ، فجدة شعيب  ابنة لوط  ، وكان ضرير البصر ، وهو معنى قوله تعالى : وإنا لنراك فينا ضعيفا  ، أي ضرير البصر . 
 [ ص: 139 ] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكره قال : ذاك خطيب الأنبياء ، بحسن مراجعته قومه ، وإن الله أرسله إلى أهل مدين  وهم أصحاب الأيكة .  
والأيكة : شجر ملتف ، وكانوا أهل كفر بالله ، وبخس للناس في المكاييل والموازين ، وإفساد أموالهم ، وكان الله وسع عليهم في الرزق وبسط لهم في العيش استدراجا لهم منه مع كفرهم بالله ، فقال لهم شعيب    : ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط    . 
فلما طال تماديهم في غيهم وضلالهم ولم يزدهم تذكير شعيب  إياهم وتحذيره عذاب الله إياهم إلا تماديا ، ولما أراد إهلاكهم سلط عليهم عذاب يوم الظلة ، وهو ما ذكره  ابن عباس  في تفسير قوله تعالى : فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم    . فقال : بعث الله عليهم وقدة وحرا شديدا فأخذ بأنفسهم ، فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية ، فبعث الله عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس ، فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحتها ، فأرسل الله عليهم نارا . قال   عبد الله بن عباس     : فذلك عذاب يوم الظلة    . 
وقال  قتادة     : بعث الله شعيبا  إلى أمتين : إلى قومه أهل مدين  ، وإلى أصحاب الأيكة  وكانت الأيكة من شجر ملتف ، فلما أراد الله أن يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا ورفع لهم العذاب كأنه سحابة ، فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها ، فلما كانوا تحتها أمطرت عليهم نارا ، قال : فذلك قوله : فأخذهم عذاب يوم الظلة    . 
وأما أهل مدين  فمنهم من ولد  مدين بن إبراهيم الخليل  ، فعذبهم الله بالرجفة ، وهي الزلزلة ، فأهلكوا . 
قال بعض العلماء : كان قوم شعيب  عطلوا حدا ، فوسع الله عليهم في الرزق ، ثم عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق ، فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع الله عليهم في الرزق ، حتى إذا أراد هلاكهم سلط عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا ولا ينفعهم ظل ولا ماء حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روحا فنادى أصحابه : هلموا   [ ص: 140 ] إلى الروح ، فذهبوا إليه سراعا حتى إذا اجتمعوا إليها ألهبها الله عليهم نارا ، فذلك عذاب يوم الظلة . 
وقد روى  عامر  ، عن   ابن عباس  أنه قال له : من حدثك ما عذاب يوم الظلة فكذبه   . وقال  مجاهد     : عذاب يوم الظلة هو إظلال العذاب على قوم شعيب    . وقال   زيد بن أسلم  في قوله تعالى : ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء  ، قال : مما كان ينهاهم عنه قطع الدراهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					