[ ص: 535 ]   394 
ثم دخلت سنة أربع وتسعين وثلاثمائة 
ذكر استيلاء  أبي العباس  على البطيحة   
في هذه السنة ، في شعبان ، غلب  أبو العباس بن واصل  على البطيحة  ، وأخرج منها  مهذب الدولة     . 
وكان ابتداء حال  أبي العباس  أنه كان ينوب عن  طاهر بن زيرك  الحاجب في الجهبذة  ، وارتفع معه ، ثم أشفق منه ففارقه وسار إلى شيراز  ، واتصل بخدمة  فولاذ  ، وتقدم عنده ، فلما قبض على  فولاذ  عاد  أبو العباس  إلى الأهواز  بحال سيئة ، فخدم فيها . 
ثم أصعد إلى بغداذ  ، فضاق الأمر عليه ، فخرج منها ، وخدم  أبا محمد بن مكرم  ، ثم انتقل إلى خدمة  مهذب الدولة  بالبطيحة  ، فجرد معه عسكرا ، وسيره إلى حرب  لشكرستان  حين استولى على البصرة  ، ومضى إلى سيراف وأخذ ما بها  لأبي محمد بن مكرم  من سفن ومال ، وأتى أسافل دجلة  ، فغلب عليها ، وخلع طاعة  مهذب الدولة     . 
فأرسل إليه  مهذب الدولة  مائة سميرية فيها مقاتلة ، فغرق بعضها ، وأخذ  أبو العباس  ما بقي منها ، وعدل إلى الأبلة  ، فهزم  أبا سعد بن ماكولا  ، وهو يصحب  لشكرستان  ، فانهزم أيضا  لشكرستان  من بين يديه ، واستولى  ابن واصل  على البصرة  ، ونزل دار الإمارة ، وأمن الديلم  والأجناد    . 
 [ ص: 536 ] وقصد  لشكرستان  مهذب الدولة  ، فأعاده إلى قتال  أبي العباس  في جيش ، فلقيه  أبو العباس  وقاتله ، فانهزم  لشكرستان  وقتل كثير من رجاله ، واستولى  أبو العباس  على ثقله وأمواله ، وأصعد إلى البطيحة  ، ( وأرسل إلى )  مهذب الدولة  يقول له : قد هزمت جندك ، ودخلت بلدك ، فخذ لنفسك ، فسار  مهذب الدولة  إلى  بشامني  ، وصار عند  أبي شجاع فارس بن مردان  وابنه  صدقة  ، فغدرا به وأخذا أمواله ، فاضطر إلى الهرب ، وسار إلى واسط  فوصلها على أقبح صورة ، فخرج إليه أهلها فلقوه وأصعدت زوجته ابنة الملك  بهاء الدولة  إلى بغداذ  وأصعد  مهذب الدولة  إليها فلم يمكن من الوصول إليها . 
وأما  ابن واصل  فإنه استولى على أموال  مهذب الدولة  وبلاده ، وكانت عظيمة ، ووكل بدار زوجته ابنة  بهاء الدولة  من يحرسها ، ثم جمع كل ما فيها وأرسله إلى أبيها ، واضطرب عليه أهل البطائح واختلفوا ، فسير سبعمائة فارس إلى الجازرة  لإصلاحها ، فقاتلهم أهلها ، فظفروا بالعسكر ، وقتلوا فيهم كثيرا . 
وانتشر الأمر على  أبي العباس بن واصل     . فعاد إلى البصرة  خوفا أن ينتشر الأمر عليه بها ، وترك البطائح شاغرة ليس فيها أحد يحفظها . 
ولما سمع  بهاء الدولة  بحال  أبي العباس  وقوته خافه على البلاد ، فسار من فارس  إلى الأهواز  لتلافي أمره ، وأحضر عنده  عميد الجيوش  من بغداذ  ، وجهز معه عسكرا كثيفا وسيرهم إلى  أبي العباس  ، فأتى إلى واسط  وعمل ما يحتاج إليه من سفن وغيرها ، وسار إلى البطائح ،  وفرق جنده في البلاد لتقرير قواعدها . 
وسمع  أبو العباس  بمسيره إليه ، فأصعد إليه من البصرة  ، وأرسل يقول له : ما أحوجك تتكلف الانحدار ، وقد أتيتك فخذ لنفسك . 
 [ ص: 537 ] ووصل إلى  عميد الجيوش  وهو على تلك الحال من ( تفرق العسكر عنه ) ، فلقيه فيمن معه بالصليق  ، فانهزم  عميد الجيوش  ، ووقع من معه بعضهم على بعض ، ولقي  عميد الجيوش  شدة إلى أن وصل إلى واسط  ، وذهب ثقله وخيامه وخزائنه ، فأخبره خازنه أنه قد دفن في الخيمة ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم ، فأنفذ [ من ] أحضرها ، فقوي بها . ونذكر باقي خبر البطائح سنة خمس وتسعين [ وثلاثمائة ] . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة قلد  بهاء الدولة  النقيب  أبا أحمد الموسوي ، ( والد الشريف الرضي     ) ، نقابة العلويين  بالعراق  ، وقضاء القضاة ، والحج ، والمظالم ، وكتب عهده بذلك من شيراز  ، ولقب  الطاهر ذا المناقب  ، فامتنع الخليفة من تقليده قضاء القضاة ، وأمضى ما سواه . 
وفيها خرج  الأصيفر المنتفقي  على الحاج ، وحصرهم بالبطانية  ، وعزم على أخذهم وكان فيهم  أبو الحسن الرفاء  ،   وأبو عبد الله الدجاجي  وكانا يقرآن القرآن بأصوات لم يسمع مثلها ، فحضرا عند الأصيفر  وقرآ القرآن ، فترك الحجاج وعاد ، وقال لهما : قد تركت لكما ألف ألف دينار . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					