[ ص: 241 ] ذكر الخبر عن ملوك بلاد اليمن  من أيام  كيكاووس  إلى أيام  بهمن بن إسفنديار  
 قد مضى ذكر الخبر عمن زعم أن  كيكاووس  كان في عهد سليمان بن داود  ، وقد ذكرنا من كان في عهد  سليمان من ملوك  اليمن  والخبر عن بلقيس بنت إيلشرح  ، وصار الملك بعد بلقيس  إلى  ياسر بن عمرو بن يعفر  ، الذي يقال له أنعم لإنعامه . قال أهل اليمن     : إنه سار غازيا نحو المغرب  حتى بلغ واديا يقال له وادي الرمل    . ولم يبلغه أحد قبله ، فلما انتهى إليه لم يجد وراءه مجازا لكثرة الرمل ، فبينما هو مقيم عليه إذ انكشف الرمل فأمر رجلا يقال له  عمرو  أن يعبر هو وأصحابه ، فعبروا ، فلم يرجعوا ، فلما رأى ذلك أمر بنصب صنم نحاس ، فصنع ثم نصب على صخرة على شفير الوادي وكتب على صدره بالمسند ، هذا الصنم  لياسر  أنعم الحميري ، ليس وراءه مذهب فلا يتكلفن أحد ذلك فيعطب . 
وقيل : إن وراء ذلك الرمل قوما من أمة موسى  ، وهم الذين عنى الله بقوله : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون  ، والله أعلم . 
ثم ملك بعده  تبع  ، وهو  تبان  ، وهو  أسعد  ، وهو  أبو كرب بن ملكيكرب تبع بن   [ ص: 242 ] زيد بن عمرو بن تبع  ، وهو  ذو الأذعار بن أبرهة تبع ذي المنار بن الرايش بن قيس بن صيفي بن سبإ  ، وكان يقال له  الزايد  ، وكان تبع هذا في أيام  بشتاسب  ،  وأردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب  ، وأنه شخص متوجها من اليمن  في الطريق الذي سلكه  الرايش  حتى خرج على جبلي طيئ  ، ثم سار يريد الأنبار  ، فلما انتهى إلى موضع الحيرة  تحير ، وكان ليلا ، فأقام بمكانه ، فسمي ذلك المكان بالحيرة  ، وخلف به قوما من الأزد  ، ولخم  ، وجذام  وعاملة  ، وقضاعة  ، فبنوا وأقاموا به . ثم انتقل إليهم بعد ذلك ناس من طيئ  ، وكلب  ، والسكون  ،  وبلحرث بن كعب  ،  وإياد  ، ثم توجه إلى الموصل  ، ثم إلى أذربيجان  ، فلقي الترك فهزمهم ، فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، ثم عاد إلى اليمن  ، فهابته الملوك وأهدوا إليه . 
وقدمت عليه هدية ملك الهند  ، وفيها تحف كثيرة من الحرير والمسك والعود وسائر طرف الهند  ، فرأى ما لم ير مثله ، فقال للرسول : كل هذا في بلدكم ؟ فقال : أكثره من بلد الصين  ، ووصف له بلاد الصين  فحلف ليغزونها ، فسار بحمير  حتى أتى إلى الركائك وأصحاب القلانس السود ، ووجه رجلا من أصحابه يقال له  ثابت  نحو الصين  في جمع عظيم ، فأصيب ، فسار  تبع  حتى دخل الصين  ، فقتل مقاتلتها ، واكتسح ما وجد فيها ، وكان مسيره ومقامه ، ورجعته في سبع سنين . 
ثم إنه خلف بالتبت اثني عشر ألف فارس من حمير  ، فهم أهل التبت  ، ويزعمون   [ ص: 243 ] أنهم عرب ، وألوانهم ألوان العرب وخلقهم . 
هكذا ذكر ، وقد خالف هذه الرواية كثير من أصحاب السير والتواريخ ، وكل واحد منهم خالف الآخر ، وقدم بعضهم من أخره الآخر ، فلم يحصل منهم كثير فائدة ، ولكن ننقل ما وجدنا مختصرا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					