[ ص: 331 ]   127 
ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائة 
ذكر مسير  مروان  إلى الشام  وخلع  إبراهيم   
وفي هذه السنة سار  مروان  إلى الشام  لمحاربة   إبراهيم بن الوليد     . 
وكان السبب في ذلك ما قد ذكرنا بعضه من مسير  مروان  بعد مقتل  الوليد  وإنكاره قتله ، وغلبته على الجزيرة ، ثم مبايعته  ليزيد بن الوليد  بعدما ولاه يزيد من عمل أبيه . 
فلما مات   يزيد بن الوليد  سار  مروان  في جنود الجزيرة ، وخلف ابنه  عبد الملك  في جمع عظيم بالرقة  ، فلما انتهى  مروان  إلى قنسرين  لقي بها   بشر بن الوليد  ، كان ولاه أخوه يزيد قنسرين  ، ومعه أخوه  مسرور بن الوليد  ، فتصافوا ، ودعاهم  مروان  إلى بيعته ، فمال إليه   يزيد بن عمر بن هبيرة  في القيسية ، وأسلموا  بشرا  وأخاه  مسرورا  ، فأخذهما  مروان  فحبسهما ، وسار ومعه أهل قنسرين  متوجها إلى حمص    . 
وكان أهل حمص   قد امتنعوا [ حين مات  يزيد     ] من بيعة  إبراهيم  وعبد العزيز  ، فوجه إليهم إبراهيم  عبد العزيز  وجند أهل دمشق   فحاصرهم في مدينتهم ، وأسرع  مروان  السير ، فلما دنا من حمص  رحل  عبد العزيز  عنها ، وخرج أهلها إلى  مروان  فبايعوه وساروا معه . ووجه   إبراهيم بن الوليد  الجنود من دمشق  مع  سليمان بن هشام  ، فنزل عين الجر في مائة وعشرين ألفا ، ونزلها  مروان  في ثمانين ألفا ، فدعاهم  مروان  إلى الكف عن قتاله وإطلاق ابني  الوليد  الحكم  وعثمان  من السجن ، وضمن لهم أنه لا يطلب أحدا من قتلة  الوليد     . فلم يجيبوه وجدوا في قتاله ، فاقتتلوا ما بين ارتفاع النهار إلى العصر ، وكثر القتل بينهم . 
وكان  مروان  ذا رأي ومكيدة ، فأرسل ثلاثة آلاف فارس ، فساروا خلف عسكره ، وقطعوا نهرا كان هناك ، وقصدوا عسكر  إبراهيم  ليغيروا فيه ، فلم يشعر  سليمان  ومن معه وهم مشغولون بالقتال إلا بالخيل والبارقة والتكبير في عسكرهم من خلفهم ، فلما رأوا   [ ص: 332 ] ذلك انهزموا ، ووضع أهل حمص   السلاح فيهم لحنقهم عليهم فقتلوا منهم سبعة عشر ألفا ، وكف أهل الجزيرة وأهل قنسرين  عن قتلهم ، وأتوا  مروان  من أسرائهم بمثل القتلى وأكثر ، فأخذ  مروان  عليهم البيعة لولدي  الوليد  ، وخلى عنهم ولم يقتل منهم إلا رجلين ، أحدهما  يزيد بن العقار  والوليد بن مصاد  الكلبيان ، وكانا ممن ولي قتل  الوليد  ، فإنه حبسهما فهلكا في حبسه . 
وهرب  يزيد بن خالد بن عبد الله القسري  فيمن هرب مع  سليمان  إلى دمشق  ، واجتمعوا مع  إبراهيم  وعبد العزيز بن الحجاج  ، فقال بعضهم لبعض : إن بقي ولدا  الوليد  حتى يخرجهما  مروان  ويصير الأمر إليهما لم يستبقيا أحدا من قتلة أبيهما والرأي قتلهما ، فرأى ذلك  يزيد بن خالد  ، فأمر  أبا الأسد مولى خالد  بقتلهما ، وأخرج   يوسف بن عمر  فضرب رقبته ، وأرادوا قتل  أبي محمد السفياني  فدخل بيتا من بيوت السجن وأغلقه ، فلم يقدروا على فتحه ، فأرادوا إحراقه فلم يؤتوا بنار ، حتى قيل : قد دخلت خيل  مروان  المدينة  ، فهربوا وهرب  إبراهيم  واختفى ، وانتهب  سليمان  ما في بيت المال فقسمه في أصحابه وخرج من المدينة    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					