[ ص: 488 ]   31 
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين 
ذكر غزوة الصواري 
قيل : وفي هذه السنة كانت غزوة الصواري  ، وقيل : كانت سنة أربع وثلاثين ، وقيل : في سنة إحدى وثلاثين كانت غزوة الأساورة ، وقيل : كانتا معا سنة إحدى وثلاثين ، وكان على المسلمين  معاوية  ، وكان جمع الشام  له أيام  عثمان     . 
وسبب جمعه له أن   أبا عبيدة بن الجراح  لما حضر استخلف على عمله   عياض بن غنم  ، وكان خاله وابن عمه ، وكان جوادا مشهورا ، وقيل : استخلف   معاذ بن جبل  ، على ما تقدم ، فمات  عياض  واستخلف  عمر  بعده  سعيد بن حذيم الجمحي  ، ومات  سعيد  وأمر  عمر  مكانه   عمير بن سعد الأنصاري  ، ومات  عمر  وعمير  على حمص  وقنسرين  ، ومات   يزيد بن أبي سفيان  ، فجعل  عمر  مكانه أخاه  معاوية  ، فاجتمعت  لمعاوية  الأردن  ودمشق  ، ومرض   عمير بن سعد  فاستعفى  عثمان  واستأذنه في الرجوع إلى أهله ، فأذن له ، وضم  عثمان  حمص  وقنسرين  إلى  معاوية  ، ومات  عبد الرحمن بن علقمة  ، وكان على فلسطين  ، فضم  عثمان  عمله إلى  معاوية  فاجتمع الشام  لمعاوية  لسنتين من إمارة  عثمان   ، فهذا كان سبب اجتماع الشام  له . 
وأما سبب هذه الغزوة  ، فإن المسلمين لما أصابوا من أهل إفريقية   وقتلوهم وسبوهم ، خرج  قسطنطين بن هرقل  في جمع له لم تجمع الروم مثله مذ كان الإسلام ، فخرجوا في   [ ص: 489 ] خمسمائة مركب أو ستمائة ، وخرج المسلمون وعلى أهل الشام    معاوية بن أبي سفيان  ، وعلى البحر   عبد الله بن سعد بن أبي سرح  ، وكانت الريح على المسلمين لما شاهدوا الروم  ، فأرسى المسلمون والروم  وسكنت الريح ، فقال المسلمون : الأمان بيننا وبينكم ، فباتوا ليلتهم والمسلمون يقرءون القرآن ويصلون ويدعون ، والروم  يضربون بالنواقيس ، وقربوا من الغد سفنهم ، وقرب المسلمون سفنهم ، فربطوا بعضها مع بعض ، واقتتلوا بالسيوف والخناجر ، وقتل من المسلمين بشر كثير ، وقتل من الروم  ما لا يحصى ، وصبروا يومئذ صبرا لم يصبروا في موطن قط مثله ، ثم أنزل الله نصره على المسلمين ، فانهزم قسطنطين  جريحا ، ولم ينج من الروم  إلا الشريد . وأقام   عبد الله بن سعد  بذات الصواري  بعد الهزيمة أياما ورجع . فكان أول ما تكلم به   محمد بن أبي حذيفة  ومحمد بن أبي بكر  في أمر  عثمان  في هذه الغزوة وأظهرا عيبه ، وما غير وما خالف به  أبا بكر  وعمر  ، ويقولان : استعمل   عبد الله بن سعد  رجلا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أباح دمه ، ونزل القرآن بكفره ، وأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوما أدخلهم ، ونزع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستعمل   سعيد بن العاص  وابن عامر     . فبلغ ذلك   عبد الله بن سعد  فقال : لا تركبا معنا ، فركبا في مركب ما معهما إلا القبط ، فلقوا العدو ، فكانا أقل المسلمين نكاية وقتالا ، فقيل لهما في ذلك ، فقالا : كيف نقاتل مع   عبد الله بن سعد  ؟ استعمله  عثمان  ،  وعثمان  فعل كذا وكذا . فأرسل إليهما  عبد الله  ينهاهما ويتهددهما ، ففسد الناس بقولهما ، وتكلموا ما لم يكونوا ينطقون به . 
وأما  قسطنطين  ، فإنه سار في مركبه إلى صقلية  ، فسأله أهلها عن حاله ، فأخبرهم . فقالوا : أهلكت النصرانية وأفنيت رجالها ! لو أتانا العرب لم يكن عندنا من يمنعهم . ثم   [ ص: 490 ] أدخلوه الحمام وقتلوه ، وتركوا من كان معه في المركب ( وأذنوا لهم في المسير إلى القسطنطينية    ) . 
( وقيل : في هذه السنة فتحت أرمينية  على يد   حبيب بن مسلمة  ، وقد تقدم ذكر ذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					