[ ص: 104 ]   232 
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائتين 
ذكر الحرب مع بني نمير  
في هذه السنة سار  بغا الكبير  إلى بني نمير  ، فأوقع بهم . 
وكان سبب ذلك أن  عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الخطفى  امتدح  الواثق  بقصيدة ، فدخل عليه ، وأنشده ، فأمر له بثلاثين ألف درهم ، فأخبر  الواثق  بإفساد بني نمير  في الأرض ، وإغارتهم على اليمامة  وما قرب منها ، وكتب  الواثق  إلى  بغا  يأمره بحربهم وهو بالمدينة  ، فسار نحو اليمامة  ، فلقي من بني نمير  جماعة بالريف فحاربهم ، فقتل منهم نيفا وخمسين رجلا ، ( وأسر أربعين رجلا ) . 
ثم سار حتى نزل مرأة ، وأرسل إليهم يدعوهم إلى السمع والطاعة ، فامتنعوا ، وسار بعضهم إلى نحو جبال السود  ، وهي خلف اليمامة  ، وبث  بغا  سراياه فيهم ، فأصابت منهم ، ثم سار بجماعة ممن معه ، وهم نحو ألف رجل ، سوى من تخلف في العسكر من الضعفاء والأتباع ، فلقيهم وقد جمعوا لهم وهم نحو ثلاثة آلاف بموضع يقال له : روضة الأمان  ، على مرحلة من أضاخ  ، فهزموا مقدمته ، وكشفوا ميسرته ، وقتلوا من أصحابه نحو مائة رجل وعشرين رجلا ، وعقروا من إبل عسكره نحو سبع مائة بعير ، ومائة دابة ، وانتهبوا الأثقال ، وبعض الأموال ، ثم أدركهم الليل ، وجعل  بغا  يدعوهم إلى الطاعة . 
 [ ص: 105 ] فلما طلع الصبح ورأوا قلة من مع  بغا  عبأوا ، وجعلوا رجالتهم أمامهم ، ونعمهم ومواشيهم وراءهم ، وحملوا على  بغا  ، فهزموه ، حتى بلغ معسكره ، وأيقن من معه بالهلكة . 
وكان  بغا  قد أرسل من أصحابه مائتي فارس إلى طائفة منهم ، فبينا هو قد أشرف على العطب ، إذ وصل أصحابه إليه منصرفين من وجوههم ، فلما نظر بنو نمير  ورأوهم قد أقبلوا من خلفهم ولوا هاربين ، وأسلموا رجالتهم ، وأموالهم ، فلم يفلت من الرجالة إلا اليسير ، وأما الفرسان فنجوا على خيلهم . 
وقيل : إن الهزيمة كانت على  بغا  مذ غدوة إلى انتصاف النهار ، ثم تشاغلوا بالنهب ، فرجع إلى  بغا  من كان انهزم من أصحابه ، فرجع بهم ، فهزم بني نمير  ، وقتل فيهم من زوال الشمس إلى آخر وقت العصر زهاء ألف وخمس مائة راجل ، وأقام بموضع الواقعة ، فأرسل أمراء العرب يطلبون الأمان ، فأمنهم ، فأتوه ، فقيدهم ، وأخذهم معه إلى البصرة  ، وكانت الواقعة في جمادى الآخرة . 
ثم قدم  واجن الأشروسني  على  بغا  في سبع مائة مقاتل ، مددا له ، فسيره  بغا  في آثارهم ، حتى بلغ تبالة  من أعمال اليمن  ، ورجع . 
وكان  بغا  قد كتب إلى  صالح  أمير المدينة  ليوافيه ببغداذ    ( بمن عنده من فزارة  ، ومرة  ، وثعلبة  ، وكلاب  ، ففعل ، فلقيه ببغداذ    ) ، فسارا جميعا ، وقدم  بغا  سامرا  بمن بقي معه منهم ، سوى من هرب ومات وقتل في الحروب ، فكانوا يزيدون على ألفي رجل من نمير  ، وكلاب  ، ومرة  ، وفزارة  ، وثعلبة  ، وطيء    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					