[ ص: 374 ] ذكر يزدجرد وفيروز الأحداث في العرب أيام
كان يخدم ملوك حمير أبناء الأشراف من حمير وغيرهم ، وكان ممن يخدم حسان بن تبع عمرو بن حجر الكندي سيد كندة ، فلما قتل عمرو بن تبع أخاه حسان بن تبع اصطنع عمرو بن حجر ، وزوجه ابنة أخيه حسان ، ولم يطمع في التزوج إلى ذلك البيت أحد من العرب ، فولدت الحارث بن عمرو .
وملك بعد عمرو بن تبع عبد كلال بن مثوب ، وإنما ملكوه لأن أولاد عمرو كانوا صغارا ، وكان الجن قبل ذلك قد استهامت تبع بن حسان ، وكان عبد كلال على دين النصرانية الأولى ويكتم ذلك ، ورجع تبع بن حسان من استهامته وهو أعلم الناس بما كان قبله ، فملك اليمن ، وهابته حمير ، فبعث ابن أخته الحارث بن عمرو بن حجر في جيش إلى الحيرة ، فسار إلى النعمان بن امرئ القيس ، وهو ابن الشقيقة ، فقاتله فقتل النعمان وعدة من أهل بيته ، وأفلت المنذر بن النعمان الأكبر وأمه ماء السماء امرأة من النمر بن قاسط ، فذهب ملك آل النعمان وملك الحارث بن عمرو الكندي ما كانوا يملكون ، قاله بعضهم .
وقال : ملك بعد ابن الكلبي النعمان المنذر بن النعمان بن المنذر بن النعمان أربعا وأربعين سنة ، من ذلك في زمن بهرام جور ثماني سنين ، وفي زمن يزدجرد بن بهرام ثماني عشرة سنة ، [ ص: 375 ] وفي زمن فيروز بن يزدجرد سبع عشرة سنة ، ثم ملك بعده الأسود بن المنذر عشرين سنة ، منها في زمن فيروز بن يزدجرد عشر سنين ، وفي زمن بلاش بن فيروز أربع سنين ، وفي زمن قباذ بن فيروز ست سنين .
وهكذا ذكر أبو جعفر هاهنا أن الحارث بن عمرو قتل النعمان بن امرئ القيس ، وأخذ بلاده وانقرض ملك أهل بيته ، وذكر فيما تقدم أن المنذر بن النعمان أو النعمان ، على الاختلاف المذكور ، هو الذي جمع العساكر وملك بهرام جور على الفرس ، ثم ساق فيما بعد ملوك الحيرة من أولاد النعمان هذا إلى آخرهم ، ولم يقطع ملكهم بالحارث بن عمرو ، وسبب هذا أن أخبار العرب لم تكن مضبوطة على الحقيقة ، فقال كل واحد ما نقل إليه من غير تحقيق .
وقيل غير ذلك ، وسنذكره في مقتل حجر بن عمرو والد امرئ القيس في أيام العرب إن شاء الله .
والصحيح أن ملوك كندة : عمرو والحارث كانوا بنجد على العرب ، وأما اللخميون ملوك الحيرة المناذرة فلم يزالوا عليها إلى أن ملك قباذ الفرس وأزالهم ، واستعمل الحارث بن عمرو الكندي على الحيرة ، ثم أعاد أنوشروان الحيرة إلى اللخميين ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .