[ ص: 168 ]   452 
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة . 
ذكر عود ولي العهد إلى بغداذ  مع  أبي الغنائم بن المحلبان     . 
في جمادى الآخرة ورد   عدة الدين أبو القاسم المقتدي بأمر الله  ، ولي العهد ، ومعه جدته أم الخليفة  ، وخرج الناس لاستقباله ، وجلس في الزبزب على رأسه  أبو الغنائم بن المحلبان  ، وقدم له بباب الغربة فرس ، فحمله  ابن المحلبان  على كتفه وأركبه وسلمه إلى مجلس الخليفة ، فشكره ، وخرج  ابن المحلبان  فركب في الزبزب ، وانحدر إلى دار أفردت له بباب المراتب ، ودخل إلى الخليفة واجتمع به . 
وكان سبب مصير ولي العهد مع  ابن المحلبان  أنه دخل داره ، فوجد زوجة رئيس الرؤساء وأولاده بها ، وهم مطلوبون من   البساسيري  ، فعرفوه أن رئيس الرؤساء أمرهم بقصده ، فأدخلهم إلى أهله ، وأقام لهم من حملهم إلى ميافارقين  ، فساروا مع  قرواش  لما أصعد من بغداذ  ، ولم يعلم بهم . 
ثم لقيه  أبو الفضل محمد بن عامر الوكيل  ، وعرفه ما عليه ولي العهد ومن معه من إيثار الخروج من بغداذ  ، وما هم عليه من تناقص الحال ، فبعث  ابن المحلبان  زوجته ، فأتته بهم سرا ، فتركهم عنده ثمانية أشهر ، وكان يحضر  ابن البساسيري  وأصحابه ، ويعمل لهم الدعوات ، وولي العهد ومن معه مستترون عنده يسمعون ما يقول أولئك فيهم . 
ثم اكترى لهم ، وسار هو في صحبتهم إلى قريب سنجار  ، ثم حملوا إلى حران  ،   [ ص: 169 ] وسار مع صاحبها  أبي الزمام منيع بن وثاب النميري  ، حين قصد الرحبة  ، وفتح قرقيسيا  ، وعقد  لعدة الدين  على بنت  منيع  ، وانحدروا إلى بغداذ    . 
ذكر ملك  محمود بن شبل  الدولة حلب     . 
في هذه السنة ، ( في جمادى الآخرة ) ، حصر  محمود بن شبل الدولة بن صالح بن مرداس الكلابي  مدينة حلب  ، وضيق عليها ، واجتمع مع جمع كثير من العرب ، فأقام عليها ، فلم يتسهل له فتحها ، فرحل عنها ، ثم عاودها فحصرها ، فملك المدينة عنوة في جمادى الآخرة ، بعد أن حصرها ، وامتنعت القلعة عليه . 
وأرسل من بها إلى  المستنصر بالله  صاحب مصر  ودمشق  ، يستنجدونه ، فأمر   ناصر الدولة أبا محمد الحسين بن الحسن بن حمدان  ، الأمير بدمشق  ، أن يسير بمن عنده من العساكر إلى حلب  يمنعها من  محمود  ، فسار إلى حلب  فلما سمع  محمود  بقربه منه خرج من حلب  ، ودخلها عسكر  ناصر الدولة  فنهبوها . 
ثم إن الحرب وقعت بين  محمود  وناصر الدولة  بظاهر حلب  ، واشتد القتال بينهم ، فانهزم  ناصر الدولة  وعاد مقهورا إلى مصر  ، وملك  محمود  حلب  ، وقتل عمه  معز الدولة  ، واستقام أمره بها ، وهذه الوقعة تعرف بوقعة الفنيدق ، وهي مشهورة . 
ذكر عدة حوادث   . 
في هذه السنة خلع السلطان  طغرلبك  على  محمود بن الأخرم الخفاجي  ، وردت   [ ص: 170 ] إليه إمارة بني خفاجة  ، وولاية الكوفة  ، وسقي الفرات ، وضمن خواص السلطان هناك بأربعة آلاف دينار كل سنة ، وصرف عنها  رجب بن منيع     . 
وفيها توفي  أبو محمد النسوي  ، صاحب الشرطة ببغداذ  ، وقد جاوز ثمانين سنة . 
وفيها سد بنو ورام  بثق النهروانات  ، وشرع  العميد أبو الفتح  في عمارة بثوق الكرخ    . 
وفيها في ذي القعدة ، توفيت خاتون  زوجة السلطان  طغرلبك  بزنجان  ، فوجد فيها وجدا شديدا ، وحمل تابوتها إلى الري  فدفنت بها . 
وفيها ، ثالث جمادى الآخرة ، انقض كوكب عظيم القدر عند طلوع الفجر من ناحية المغرب إلى ناحية المشرق ، فطال لبثه . 
وفيها جمع  عطية بن صالح بن مرداس  جمعا وحصر الرحبة  ، وضيق على أهلها ، فملكها في صفر من هذه السنة . 
  [ الوفيات    ] 
وفيها توفيت والدة الخليفة   القائم بأمر الله   ، واسمها قطر الندى  ، وقيل بدر الدجى  ، وقيل علم ، وهي جارية أرمينية    . 
 [ ص: 171 ] وفيها توفي  محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن أبو علي المعروف بالجازري النهرواني   ، وكان مكثرا من الرواية ، الجازري بالجيم وبعد الألف زاي ثم راء . 
وفيها توفي  باي أبو منصور الفقيه الجيلي   ، بالباء الموحدة وبعد الألف ياء تحتها نقطتان ،  ومحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد أبو عمرو بن أبي الفضل   ، الفقيه المالكي . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					