[ ص: 182 ] 337
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة
ذكر معز الدولة الموصل وعوده عنها ملك
في هذه السنة سار معز الدولة من بغداذ إلى الموصل قاصدا لناصر الدولة ، فلما سمع ناصر الدولة بذلك ، سار عن الموصل إلى نصيبين ، ووصل معز الدولة فملك الموصل في شهر رمضان ، وظلم أهلها وعسفهم ، وأخذ أموال الرعايا ، فكثر الدعاء عليه .
وأراد معز الدولة أن يملك جميع بلاد ناصر الدولة ، فأتاه الخبر من أخيه ركن الدولة أن عساكر خراسان قد قصدت جرجان والري ، ويستمده ويطلب منه العساكر ، فاضطر إلى مصالحة ناصر الدولة ، فترددت الرسل بينهما ( في ذلك ) ، واستقر الصلح بينهما على أن يؤدي ناصر الدولة عن الموصل ، وديار الجزيرة كلها ، والشام ، كل سنة ثمانية آلاف ألف درهم ، ويخطب في بلاده لعماد الدولة ، ( وركن الدولة ) ، ومعز الدولة بني بويه ، فلما استقر الصلح عاد معز الدولة إلى بغداذ فدخلها في ذي الحجة من السنة .
ذكر خراسان إلى جرجان مسير عسكر
في هذه السنة سار منصور بن قراتكين في جيوش خراسان إلى جرجان ، صحبة وشمكير ، وبها الحسن بن الفيرزان ، وكان منصور منحرفا عن وشمكير في السير ، فتساهل لذلك مع الحسن ، وصالحه وأخذ ابنه رهينة .
ثم بلغ منصورا أن الأمير نوحا اتصل بابنة ختكين ، مولى قراتكين ، وهو [ ص: 183 ] صاحب بست والرخج ، فساء ذلك منصورا وأقلقه ، وكان نوح قد زوج قبل ذلك بنتا لمنصور من بعض مواليه ، اسمه فتكين ، فقال منصور : يتزوج الأمير بابنة مولاي ، وتزوج ابنتي من مولاه ؟ فحمله ذلك على مصالحة الحسين بن الفيرزان وأعاد عليه ابنه ، وعاد عنه إلى نيسابور ، وأقام الحسن بزوزن ، وبقي وشمكير بجرجان .
ذكر المرزبان إلى الري مسير
في هذه السنة سار المرزبان محمد بن مسافر صاحب أذربيجان إلى الري .
وسبب ذلك أنه بلغه خروج عساكر خراسان إلى الري ، وأن ذلك يشغل ركن الدولة عنه ، ثم إنه كان أرسل رسولا إلى معز الدولة ، فحلق معز الدولة لحيته ، وسبه وسب صاحبه ، وكان سفيها ، فعظم ذلك على المرزبان ، وأخذ في جمع العساكر ، واستأمن إليه بعد قواد ركن الدولة ، وأطمعه في الري ، وأخبره أن من وراءه من القواد يريدونه ، فطمع لذلك ، فراسله ناصر الدولة يعد المساعدة ، ويشير عليه أن يبتدئ ببغداذ ، فخالفه ، ثم أحضر أباه وأخاه وهسوذان ، واستشارهما في ذلك ، فنهاه أبوه عن قصد الري ، فلم يقبل ، فلما ودعه بكى أبوه وقال : يا بني ، أين أطلبك بعد يومي هذا ؟ قال : إما في دار الإمارة بالري ، وإما بين القتلى .
فلما عرف ركن الدولة خبره ، كتب إلى أخويه عماد الدولة ومعز الدولة يستمدهما ، فسير عماد الدولة ألفي فارس ، وسير إليه معز الدولة جيشا مع سبكتكين التركي ، وأنفذ عهدا من المطيع لله لركن الدولة بخراسان ، فلما صاروا بالدينور خالف الديلم على سبكتكين ، وكبسوه ليلا ، فركب فرس النوبة ونجا ، واجتمع الأتراك عليه ، فعلم الديلم أنهم لا قوة لهم به ، فعادوا إليه وتضرعوا ، فقبل عذرهم .
وكان ركن الدولة قد شرع مع المرزبان في المخادعة ، وإعمال الحيلة ، فكتب إليه يتواضع له ويعظمه ، ويسأله أن ينصرف عنه على شرط أن يسلم إليه ركن الدولة زنجان ، وأبهر ، وقزوين ، وترددت الرسل في ذلك إلى أن وصله المدد من عماد الدولة [ ص: 184 ] ومعز الدولة ، وأحضر معه محمد بن عبد الرزاق ، وأنفذ له الحسن بن الفيرزان عسكرا مع محمد بن ماكان ، فلما كثر جمعه قبض على جماعة ممن كان يتهمهم من قواده وسار إلى قزوين ، فعلم المرزبان عجزه عنه ، وأنف من الرجوع ، فالتقيا ، فانهزم عسكر المرزبان ، وأخذ أسيرا ، وحمل إلى سميرم فحبس بها ، وعاد ركن الدولة ، ونزل محمد بن عبد الرزاق بنواحي أذربيجان .
وأما أصحاب المرزبان فإنهم اجتمعوا على أبيه محمد بن مسافر ، وولوه أمرهم ، فهرب منه ابنه وهسوذان إلى حصن له ، فأساء محمد السيرة مع العسكر ، فأرادوا قتله ، فهرب إلى ابنه وهسوذان ، فقبض عليه ، وضيق عليه حتى مات ، ثم تحير وهسوذان في أمره ، فاستدعى ديسم الكردي لطاعة الأكراد له ، وقواه ، وسيره إلى محمد بن عبد الرزاق ، فالتقيا ، فانهزم ديسم ، وقوي ابن عبد الرزاق ، فأقام بنواحي أذربيجان يجبي أموالها ، ثم رجع إلى الري سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وكاتب الأمير نوحا ، وأهدى له هدية ، وسأله الصفح ، فقبل عذره ، وكاتب وشمكير بمهادنته ، فهادنه ، ثم عاد محمد إلى طوس سنة تسع وثلاثين [ وثلاثمائة ] لما خرج منصور إلى الري .
ذكر عدة حوادث
إلى بلد سيف الدولة بن حمدان الروم ، فلقيه الروم ، واقتتلوا ، فانهزم في هذه السنة سار سيف الدولة ، وأخذ الروم مرعش ، وأوقعوا بأهل طرسوس .
وفيها قبض معز الدولة على أسفهدوست ، وهو خال معز الدولة ، وكان من أكابر قواده ، وأقرب الناس إليه .
وكان سبب ذلك أنه كان يكثر الدالة عليه ، ويعيبه في كثير من أفعاله ، ونقل عنه أنه [ ص: 185 ] ( كان ) يراسل المطيع لله في قتل معز الدولة ، فقبض عليه ، وسيره إلى رامهرمز فسجنه بها .
وفيها استأمن أبو القاسم البريدي إلى معز الدولة ، وقدم بغداذ فلقي معز الدولة ، فأحسن إليه وأقطعه .