[ ص: 82 ]   228 
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين 
ذكر غزوات المسلمين في جزيرة صقلية  
في هذه السنة سار  الفضل بن جعفر الهمداني  في البحر ، فنزل مرسى مسيني  ، وبث السرايا ، فغنموا غنائم كثيرة ، واستأمن إليه أهل نابل  ، وصاروا معه ، وقاتل الفضل مدة سنتين واشتد القتال ، فلم يقدر على أخذها ، فمضى طائفة من العسكر ، واستداروا خلف جبل مطل على المدينة ، ( فصعدوا إليه ، ونزلوا إلى المدينة ) وأهل البلد مشغولون بقتال  جعفر  ومن معه ، فلما رأى أهل البلد أن المسلمين دخلوا عليهم من خلفهم ، انهزموا ، وفتح البلد . 
وفيها فتحت مدينة مسكان    . 
وفي سنة تسع وعشرين ومائتين  خرج  أبو الأغلب العباس بن الفضل  في سرية ، فبلغ شرة ، فقاتله أهلها ( قتالا شديدا ) ، فانهزمت الروم  ، وقتل منهم ما يزيد على عشرة آلاف رجل ، واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر ، ولم يكن بصقلية قبلها مثلها . 
( وفي سنة اثنين وثلاثين ) ومائتين حصر  الفضل بن جعفر  مدينة لنتيني  فأخبر   [ ص: 83 ] الفضل أن أهل لنتيني  كاتبوا  البطريق  الذي بصقلية    ; لينصرهم ، فأجابهم ، وقال لهم : إن العلامة عند وصولي أن توقد النار ثلاث ليال على الجبل الفلاني ، فإذا رأيتم ذلك ، ففي اليوم الرابع أصل إليكم ، فنجتمع أنا وأنتم على المسلمين بغتة . 
فأرسل  الفضل  من أوقد النار على ذلك الجبل ثلاث ليال ، فلما رأى أهل لنتيني  النار أخذوا في أمرهم ، وأعد  الفضل  ما ينبغي أن يستعد به وكمن الكمناء ، وأمر الذين يحاصرون المدينة أن ينهزموا إلى جهة الكمين ، فإذا خرج أهلها عليهم قاتلوهم ، فإذا جاوزوا الكمين عطفوا عليهم . 
فلما كان اليوم الرابع خرج أهل لنتيني  ، وقاتلوا المسلمين وهم ينتظرون وصول  البطريق  ، فانهزم المسلمون ، واستجروا الروم  حتى جاوزوا الكمين ، ولم يبق بالبلد أحد إلا خرج ، فلما جاوزوا الكمين عاد المسلمون عليهم ، وخرج الكمين من خلفهم ، ووضعوا فيهم السيف ، فلم ينج ( منهم ) إلا القليل ، فسألوا الأمان على أنفسهم وأموالهم ليسلموا المدينة ، فأجابهم المسلمون إلى ذلك وأمنوهم ، فسلموا المدينة . 
وفيها أقام المسلمون بمدينة طارنت  من أرض أنكبردة  وسكنوها . 
وفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وصل عشر شلنديات من الروم  ، فأرسوا بمرسى الطين  ، وخرجوا ليغيروا ، فضلوا الطريق ، فرجعوا خائبين ، وركبوا البحر راجعين ، فغرق منها سبع قطع . 
وفي سنة أربع وثلاثين صالح أهل رغوس   ، وسلموا المدينة إلى المسلمين بما فيها ، فهدمها المسلمون ، وأخذوا منها ما أمكن حمله . 
وفي سنة خمس وثلاثين سار طائفة من المسلمين إلى مدينة قصريانه  ، فغنموا   [ ص: 84 ] وسلبوا وأحرقوا وقتلوا في أهلها . 
وكان الأمير على صقلية  للمسلمين  محمد بن عبد الله بن الأغلب  ، فتوفي في رجب من سنة ست وثلاثين ومائتين ، فكان مقيما بمدينة بلرم  لم يخرج منها ، وإنما كان يخرج الجيوش والسرايا فتفتح ، فتغنم ، فكانت إمارته عليها تسع عشرة سنة ، والله سبحانه أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					