[ ص: 74 ] 227
ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين
ذكر المبرقع خروج
في هذه السنة خرج أبو حرب المبرقع اليماني بفلسطين ، وخالف على المعتصم .
وكان سبب خروجه أن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب ، فمنعه بعض نسائه ، فضربها الجندي بسوط ، فأصاب ذراعها ، فأثر فيها ، فلما رجع إلى منزله شكت إليه ما فعل بها الجندي ، فأخذ سيفه وسار نحوه فقتله ، ثم هرب ، وألبس وجهه برقعا ، وقصد بعض جبال الأردن ، فأقام به ، وكان يظهر بالنهار متبرقعا ، فإذا جاءه أحد ذكره ، وأمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويذكر الخليفة وما يأتي ، ويعيبه ، فاستجاب له قوم من فلاحي تلك الناحية .
وكان يزعم أنه أموي ، فقال أصحابه : هذا السفياني ، فلما كثر أتباعه من هذه الضفة دعا أهل البيوتات ، فاستجاب له جماعة من رؤساء اليمانية ، منهم رجل يقال له ابن بيهس كان مطاعا في أهل اليمن ، ( ورجلان من أهل دمشق ) .
واتصل الخبر بالمعتصم في مرضه الذي مات فيه ، فسير إليه رجاء بن أيوب الحضاري في زهاء ألف رجل من الجند ، فرآه في عالم كثير يبلغون مائة ألف ، فكره رجاء مواقعته ، وعسكر في مقابلته ، حتى كان أوان الزراعة وعمل الأرض ، فانصرف من كان مع المبرقع إلى عملهم ، وبقي في زهاء ألف أو ألفين .
( وتوفي المعتصم وولي الواثق ، وثارت الفتنة بدمشق على ما نذكره ، فأمر الواثق رجاء بقتال من أراد الفتنة والعودة إلى المبرقع ، ففعل ذلك ، وعاد إلى المبرقع ) ، فناجزه [ ص: 75 ] رجاء ، فالتقى العسكران ، فقال رجاء لأصحابه : ما أرى في عسكره رجلا له شجاعة غيره ، وإنه سيظهر لأصحابه ما عنده ، فإذا حمل عليكم فأفرجوا له ، فما لبث أن حمل المبرقع ، فأفرج له أصحاب رجاء ، حتى جاوزهم ، ثم رجع فأفرجوا له ، حتى أتى أصحابه ، ثم حمل مرة أخرى ، فلما أراد الرجوع أحاطوا به ، وأخذوه أسيرا .
وقيل : كان خروجه سنة ست وعشرين ومائتين ، وإنه خرج بنواحي الرملة ، وصار في خمسين ألفا ، فوجه إليه المعتصم رجاء الحضاري ، فقاتله ، وأخذ ابن بيهس أسيرا ، وقتل من أصحاب المبرقع نحوا من عشرين ألفا ، وأسر المبرقع ، وحمله إلى سامرا .