[ ص: 247 ]   466 
ثم دخلت سنة ست وستين وأربعمائة . 
ذكر تقليد   السلطان ملكشاه  السلطنة والخلع عليه    . 
في هذه السنة ، في صفر ، ورد  كوهرائين  إلى بغداذ  من عسكر السلطان ، وجلس له الخليفة   القائم بأمر الله  ، ووقف على رأسه ولي العهد   المقتدي بأمر الله  ، وسلم الخليفة إلى  كوهرائين  عهد   السلطان ملكشاه  بالسلطنة ، وقرأ الوزير أوله ، وسلم إليه أيضا لواء عقده الخليفة بيده ، ولم يمنع يومئذ أحد من الدخول إلى دار الخلافة ، فامتلأ صحن السلام بالعامة ، حتى كان الإنسان تهمه نفسه ليتخلص ، وهنأ الناس بعضهم بعضا بالسلامة . 
ذكر غرق بغداذ     . 
في هذه السنة غرق الجانب الشرقي وبعض الغربي من بغداذ    . 
وسببه أن دجلة  زادت زيادة عظيمة ، وانفتح القورج عند المسناة المعزية ، وجاء في الليل سيل عظيم ، وطفح الماء من البرية مع ريح شديدة ، وجاء الماء إلى المنازل من فوق ، ونبع من البلاليع والآبار بالجانب الشرقي ، وهلك خلق كثير تحت الهدم ، وشدت الزواريق تحت التاج خوف الغرق . 
وقام الخليفة يتضرع ويصلي ، وعليه البردة ، وبيده القضيب ، وأتى  أيتكين السليماني  من عكبرا  ، فقال للوزير : إن الملاحين يؤذون الناس في المعابر ، فأحضرهم ، وتهددهم بالقتل ، وأمر بأخذ ما جرت به العادة . 
وجمع الناس ، وأقيمت الخطبة للجمعة في الطيار مرتين ، وغرق من الجانب   [ ص: 248 ] الغربي مقبرة  أحمد   ، ومشهد باب التبن  ، وتهدم سوره ، فأطلق  شرف الدولة  ألف دينار تصرف في عمارته ، ودخل الماء من شبابيك البيمارستان العضدي    . 
ومن عجيب ما يحكى في هذا الغرق أن الناس ، في العام الماضي ، كانوا قد أنكروا كثرة المغنيات والخمور ، فقطع بعضهم أوتار عود مغنية كانت عند جندي ، فثار به الجندي الذي كانت عنده ، فضربه فاجتمعت العامة ومعهم كثير من الأئمة منهم   أبو إسحاق الشيرازي  ، واستغاثوا بالخليفة وطلبوا هدم المواخير والحانات وتبطيلها ، فوعدهم أن يكاتب السلطان في ذلك ، فسكنوا وتفرقوا . 
ولازم كثير من الصالحين الدعاء بكشفه ، فاتفق أن غرقت بغداذ  ، ونال الخليفة والجند من ذلك أمر عظيم ، وعمت مصيبته الناس كافة ، فرأى  الشريف أبو جعفر بن أبي موسى  بعض الحجاب الذين يقولون : نحن نكاتب السلطان ، ونسعى في تفريق الناس ، ويقول : اسكنوا إلى أن يرد الجواب . فقال له  أبو جعفر     : قد كتبنا ، وكتبتم ، فجاء جوابنا قبل جوابكم ، يعني أنهم شكوا ما حل بهم إلى الله تعالى ، وقد أجابهم بالغرق ، قبل ورود جواب السلطان . 
ذكر ملك   السلطان ملكشاه  ترمذ  والهدنة بينه وبين صاحب سمرقند     . 
قد ذكرنا أن  خاقان ألتكين  صاحب سمرقند  ملك ترمذ  بعد قتل  السلطان ألب أرسلان  ، فلما استقامت الأمور للسلطان  ملكشاه  سار إلى ترمذ  وحصرها ، وطم   [ ص: 249 ] العسكر خندقها ، ورماها بالمجانيق ، فخاف من بها ، فطلبوا الأمان فأمنهم ، وخرجوا منها وسلموها . 
وكان بها أخ  لخاقان ألتكين  ، فأكرمه السلطان ، وخلع عليه ( وأحسن إليه ) وأطلقه ، وسلم قلعة ترمذ  إلى  الأمير ساوتكين  ، وأمره بعمارتها وتحصينها وعمارة سورها بالحجر المحكم ، وحفر خندقها وتعميقه ، ففعل ذلك . 
وسار   السلطان ملكشاه  يريد سمرقند  ، ففارقها صاحبها ، وأنفذ يطلب المصالحة ، ويضرع إلى  نظام الملك  في إجابته إلى ذلك ، ويعتذر من تعرضه إلى ترمذ  ، فأجيب إلى ذلك ، واصطلحوا ، وعاد  ملكشاه  عنه إلى خراسان  ، ثم منها إلى الري  ، وأقطع بلخ  وطخارستان  لأخيه  شهاب الدين تكش     . 
ذكر عدة حوادث   . 
[ الوفيات ] 
فيها توفي  زعيم الدولة أبو الحسن بن عبد الرحيم  بالنيل فجأة ، وله سبعون سنة ، وقد تقدم من أخباره ما فيه كفاية . 
وفيها توفي  إياز أخو السلطان ملكشاه  ، وكفي شره  كما كفي شر عمه  قاورت بك     . 
وفيها ، في ربيع الأول ، توفي   القاضي أبو الحسين بن أبي جعفر السمناني   [ ص: 250 ] حمو   قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني  ، وولي ابنه  أبو الحسن  ما كان إليه من القضاء بالعراق  والموصل  ، وكان مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة بسمنان ، وكان هو وأبوه من المغالين في مذهب  الأشعري  ، ولأبيه فيه تصانيف كثيرة ، وهذا مما يستطرف أن يكون حنفي أشعريا . 
وفيها ، في جمادى الآخرة ، توفي  عبد العزيز [ بن ] أحمد بن محمد بن علي أبو محمد الكتاني الدمشقي ، الحافظ  وكان مكثرا في الحديث ، ثقة ، وممن سمع منه   الخطيب أبو بكر البغداذي     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					