[ ص: 41 ]   134 
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة 
[ ذكر خلع  بسام بن إبراهيم     ] 
وفي هذه السنة خلع  بسام بن إبراهيم بن بسام  ، وكان من فرسان أهل خراسان   ، وسار من عسكر   السفاح  هو وجماعة على رأيه سرا إلى المدائن  ، فوجه إليه   السفاح  خازم بن خزيمة  ، فاقتتلوا ، فانهزم  بسام  وأصحابه ، وقتل أكثرهم ، وقتل كل من لحقه منهزما . 
ثم انصرف فمر بذات المطامير  ، وبها أخوال   السفاح  من بني عبد المدان  ، وهم خمسة وثلاثون رجلا ، ومن غيرهم ثمانية عشر رجلا ، ومن مواليهم سبعة عشر ، فلم يسلم عليهم ، فلما جازهم شتموه . 
وكان في قلبه عليهم ما كان لما بلغه عنهم من حال  المغيرة بن الفزع  وأنه لجأ إليهم ، وكان من أصحاب  بسام  ، فرجع إليهم وسألهم عن  المغيرة  ، فقالوا : مر بنا رجل مجتاز لا نعرفه فأقام في قريتنا ليلة ثم خرج عنا . فقال لهم : أنتم أخوال أمير المؤمنين يأتيكم عدوه ويأمن في قريتكم ! فهلا اجتمعتم فأخذتموه ! فأغلظوا له في الجواب ، فأمر بهم فضربت أعناقهم جميعا ، وهدم دورهم ، ونهب أموالهم ثم انصرف . 
فبلغ ذلك اليمانية  فاجتمعوا ، ودخل  زياد بن عبد الله الحارثي  معهم على   السفاح  ، فقالوا له : إن  خازما  اجترأ عليك واستخف بحقك ، وقتل أخوالك الذين قطعوا البلاد وأتوك معتزين بك طالبين معروفك حتى صاروا في جوارك ، قتلهم  خازم  وهدم دورهم ، ونهب أموالهم بلا حدث أحدثوه . 
فهم بقتل  خازم  فبلغ ذلك  موسى بن كعب  ،  وأبا الجهم بن عطية  ، فدخلا على   السفاح  وقالا : يا أمير المؤمنين ، بلغنا ما كان من هؤلاء ، وأنك هممت بقتل  خازم  ، وإنا نعيذك بالله من ذلك ، فإن له طاعة وسابقة ، وهو يحتمل له ما صنع ، فإن شيعتكم من أهل خراسان   قد آثروكم على الأقارب والأولاد وقتلوا من خالفكم ، وأنت أحق من تغمد إساءة مسيئهم . 
فإن كنت لا بد مجمعا على قتله فلا   [ ص: 42 ] تتول ذلك بنفسك وابعثه لأمر إن قتل فيه كنت قد بلغت الذي تريد ، وإن ظفر كان ظفره لك . 
وأشاروا عليه بتوجيهه إلى من بعمان  من الخوارج  ، وإلى الخوارج  الذين بجزيرة ابن كاوان  مع  شيبان بن عبد العزيز اليشكري  ، فأمر   السفاح  بتوجيهه مع سبعمائة رجل ، وكتب إلى   سليمان بن علي  ، وهو على البصرة  ، بحملهم إلى جزيرة ابن كاوان  وعمان  ، فسار  خازم     . 
ذكر أمر الخوارج  وقتل  شيبان بن عبد العزيز   
فلما سار  خازم  إلى البصرة  في الجند الذين معه ، وكان قد انتخب من أهله وعشيرته ومواليه ومن أهل مرو  الروذ من يثق به ، فلما وصل البصرة  حملهم سليمان في السفن ، وانضم إليه بالبصرة  أيضا عدة من بني تميم ، فساروا في البحر حتى أرسوا بجزيرة ابن كاوان    . 
فوجه  خازم  فضلة بن نعيم النهشلي  في خمسمائة إلى  شيبان  ، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فركب  شيبان  وأصحابه السفن وساروا إلى عمان  ، وهم صفرية    . فلما صاروا إلى عمان  قاتلهم الجلندى وأصحابه ، وهم إباضية  ، واشتد القتال بينهم ، فقتل  شيبان  ومن معه . وقد تقدم سنة تسع وعشرين ومائة قتل  شيبان  على هذا السياق . 
ثم سار  خازم  في البحر بمن معه حتى أرسوا إلى ساحل عمان  ، فخرجوا إلى الصحراء ، فلقيهم  الجلندى  وأصحابه واقتتلوا قتالا شديدا ، وكثر القتل يومئذ في أصحاب  خازم  ، وقتل منهم أخ له من أمه في تسعين رجلا ، ثم اقتتلوا من الغد قتالا شديدا ، فقتل يومئذ من الخوارج  تسعمائة وأحرق منهم نحو من تسعين رجلا . 
ثم التقوا بعد سبعة أيام من مقدم  خازم  على رأي أشار به بعض أصحاب  خازم  ، أشار عليه أن يأمر أصحابه فيجعلوا على أطراف أسنتهم المشاقة ، ويرووها بالنفط ويشعلوا فيها النيران ثم يمشوا بها حتى يضرموها في بيوت أصحاب  الجلندى  ، وكانت من خشب . 
فلما فعل ذلك وأضرمت بيوتهم بالنيران اشتغلوا بها وبمن فيها من أولادهم وأهاليهم ، فحمل عليهم  خازم  وأصحابه ، فوضعوا فيهم السيف فقتلوهم ، وقتلوا  الجلندى  فيمن قتل ، وبلغ   [ ص: 43 ] عدة القتلى عشرة آلاف ، وبعث برءوسهم إلى البصرة  ، فأرسلها  سليمان  إلى   السفاح  ، وأقام  خازم  بعد ذلك أشهرا حتى استقدمه   السفاح  فقدم . 
ذكر غزوة كس  
وفي هذه السنة غزا  أبو داود خالد بن إبراهيم  أهل كس  ، فقتل  الإخريد  ملكها ، وهو سامع مطيع ، وقتل أصحابه وأخذ منهم من الأواني الصينية المنقوشة المذهبة ما لم ير مثلها ، ومن السروج ومتاع الصين  كله من الديباج والطرف شيئا كثيرا ، فحمله إلى  أبي مسلم  وهو بسمرقند  ، وقتل عدة من دهاقينهم ، واستحيا طاران أخا  الإخريد  ، وملكه على كس    . 
وانصرف  أبو مسلم  إلى مرو  بعد أن قتل في أهل الصغد  وبخارى  ، وأمر ببناء سور سمرقند  ، واستخلف  زياد بن صالح  عليها وعلى بخارى  ، ورجع  أبو داود  إلى بلخ    . 
ذكر حال  منصور بن جمهور   
وفي هذه السنة وجه   السفاح  موسى بن كعب  إلى السند لقتال  منصور بن جمهور  ، فسار واستخلف مكانه على شرط   السفاح  المسيب بن زهير  ، وقدم  موسى  السند  فلقي  منصورا  في اثني عشر ألفا ، فانهزم  منصور  ومن معه ومضى ، فمات عطشا في الرمال ، وقد قيل أصابه بطنه فمات . وسمع خليفته على السند  بهزيمته فرحل بعيال  منصور  وثقله ، فدخل بهم بلاد الخزر    . 
ذكر عدة حوادث 
وفيها توفي  محمد بن يزيد بن عبد الله  وهو على اليمن   ، فاستعمل   السفاح  مكانه  علي بن الربيع بن عبيد الله     . 
 [ ص: 44 ] وفيها تحول   السفاح  من الحيرة  إلى الأنبار  في ذي الحجة . وفيها ضرب المنار من الكوفة  إلى مكة  والأميال . 
وحج بالناس هذه السنة   عيسى بن موسى  وهو على الكوفة    . 
وكان على قضاء الكوفة    :   ابن أبي ليلى  ، وعلى المدينة  ومكة  والطائف  واليمامة    :  زياد بن عبد الله  ، وعلى اليمن    :  علي بن الربيع الحارثي  ، وعلى البصرة  وأعمالها وكور دجلة  وعمان    :   سليمان بن علي  ، وعلى قضائها :   عباد بن منصور     . 
وعلى السند    :  موسى بن كعب  ، وعلى خراسان  والجبال :  أبو مسلم  ، وعلى فلسطين    :  صالح بن علي  ، وعلى مصر    :  أبو عون  ، وعلى الموصل    :  إسماعيل بن علي  ، وعلى إرمينية  يزيد بن أسيد  ، وعلى أذربيجان    :  محمد بن صول  ، وعلى ديوان الخراج :   خالد بن برمك  ، وعلى الجزيرة    :   أبو جعفر المنصور     . 
وكان عامله على أذربيجان  وإرمينية  من ذكرنا ، وعلى الشام    :   عبد الله بن علي     . 
  [ الوفيات ] 
وفيها توفي  إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص   ،  وسعد بن عمرو بن سليم الزرقي     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					