[ ص: 140 ]   ( 541 ) 
ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة 
ذكر ملك الفرنج  طرابلس الغرب   
في هذه السنة ملك الفرنج  ، لعنهم الله ، طرابلس الغرب    ; وسبب ذلك أن  رجار  ملك صقلية  جهز أسطولا كثيرا وسيره إلى طرابلس  ، فأحاطوا بها برا وبحرا ، ثالث المحرم ، فخرج إليهم أهلها وأنشبوا القتال ، فدامت الحرب بينهم ثلاثة أيام . 
فلما كان اليوم الثالث سمع الفرنج  بالمدينة ضجة عظيمة ، وخلت الأسوار من المقاتلة ، وسبب ذلك أن أهل طرابلس  كانوا قبل وصول الفرنج بأيام يسيرة قد اختلفوا ، فأخرج طائفة منهم بني مطروح  ، وقدموا عليهم رجلا من الملثمين قدم يريد الحج ومعه جماعة ، فولوه أمرهم ، فلما نازلهم الفرنج  أعادت الطائفة الأخرى بني مطروح  ، فوقعت الحرب بين الطائفتين ، وخلت الأسوار ، فانتهز الفرنج  الفرصة ونصبوا السلالم ، وصعدوا على السور ، واشتد القتال فملكت الفرنج  المدينة عنوة بالسيف ، فسفكوا دماء أهلها وسبوا نساءهم وأموالهم ، وهرب من قدر على الهرب ، والتجأ إلى البربر والعرب ، فنودي بالأمان في الناس كافة ، فرجع كل من فر منها . 
وأقام الفرنج ستة أشهر حتى حصنوا أسوارها وحفروا خندقها ، ولما عادوا أخذوا رهائن أهلها ومعهم بنو مطروح والملثم ، ثم أعادوا رهائنهم ، وولوا عليها رجلا من بني مطروح  ، وتركوا رهائنه وحده ، واستقامت أمور المدينة ، وألزم أهل صقلية  والروم  بالسفر إليها ، فانعمرت سريعا وحسن حالها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					